كتبت صحيفة “الجمهورية”: رغم استمرار وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن في جولته التي كانت القاهرة محطتها الثانية بعد تل ابيب والتي سينتقل منها الى الدوحة، لف الغموض مصير المفاوضات المقرر استئنافها هذا الاسبوع بين حركة حماس واسرائيل تحت الرعاية الثلاثية الاميركية ـ المصرية ـ القطرية، اذ لم يتحدد بعد موعد اجتماع الطرفين المتفاوضين لان ما يصدر عنهما من مواقف يدل الى انهما متباعدان ومن الصعب ان يتوصلا الى اتفاق على وقف اطلاق النار وتبادل اطلاق الاسرى والمعتقلين الذي يلح عليه الرئيس الاميركي جو بايدن بقوة. في وقت وصف مرجع مسؤول لـ”الجمهورية” ما يجري بانه محاولة من الطرفين لرفع سقف شروطهما قبل الدخول في التسوية التي توقع المرجع حصولها.
أسبوع آخر من الانتظار على خشبته عُلَّق لبنان الذي يتابع بحذر وترقب وقلق مسار المفاوضات الجارية حول صفقة وقف إطلاق النار في غزة، والهبات الساخنة فيها اكثر من الباردة، إذ قال مصدر سياسي بارز لـ”الجمهورية” ان طريق الوصول إلى هذه الصفقة “صعب جدا ومليء بالمطبات”، واضاف: “نحن نعلم حاليا ان الأمور صعبة جدا لكن ما يصلنا من أصداء ومعطيات هو ان العمل مستمر وبقوة لتذليل النقاط العالقة والمفاوضون لا يكترثون كثيرا للمواقف، لان المهم بالنسبة اليهم هو الخواتيم وطالما ان الطرفين لا يزالان على السمع ويتجاوبان فان إنجاح المفاوضات يبقى الهدف، ولعبة الشروط المتبادلة وتحسين الأوراق تدخل ضمن لعبة التفاوض بغض النظر عما إذا كانت تعجيزية او قابلة للحل”.
وتوقع المصدر “ان تبقى الحال على جبهة الجنوب على ما هي عليه مع اشتداد في الميدان وتوسيع مضبوط في قواعد الاشتباك هذا على صعيد جبهة الإسناد التي تلقت اليوم رسالة من “حماس” تدعو الى “فتح باب خيبر من جديد”. أما رد حزب الله المنتظر على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، فلا احد على الإطلاق يعرف طبيعته وتوقيته، وهو منفصل تماما عن كل ما يجري ويدرس بدقة بالغة لدى قيادة الحزب”. وعما إذا كان لبنان ينتظر تدفقا دبلوماسيا جديدا لخفض التصعيد قال المصدر: “معركتنا الآن تتركز على موضوع التمديد لقوات “اليونيفيل” حيث يحاول العدوّ تعديل اتفاقية التمديد وتقصير المدة وتغيير الصلاحيات وهذا ما نتصدى له والإيجابية في هذا أننا مدعومون في شروطنا من الأميركيين والفرنسيين والأمم المتحدة.
واشنطن تنتقد نتنياهو
وعلى صعيد مفاوضات غزة نقلت وكالة “فرانس برس” عن مسؤول أميركي، قوله إنّ “تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتشددة في شأن غزة غير بناءة”، والتي أصرّ خلالها على مواصلة الحرب.
وفي السياق، نقلت وكالة “رويترز” عن المسؤول الأميركي تأكيده أنّ “لا صحة لتقارير بأن وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن اقتنع في اجتماع مع نتنياهو بمطلب إسرائيل البقاء في فيلادلفيا”، مضيفًا “الولايات المتحدة تتوقع استمرار المحادثات الرامية لوقف إطلاق النار هذا الأسبوع”. وذكر المسؤول أنّه “إذا وافقت “حماس” على مقترح سد الفجوات، فإننا نتوقع إجراء محادثات إضافية في شأن تفاصيل تنفيذ أي اتفاق”، حول وقت إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.
اسرائيل
وكان نتنياهو أعلن :”أننا لن نقبل مقترحا يتضمن إنهاء الحرب”. وكان قد ونقل عنه موقع “واللا” العبري قوله “لن ننسحب من محوري فيلادلفيا ونتساريم بأي شكل من الأشكال على رغم من الضغوط الشديدة”.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، أنّ نتنياهو “متمسك بشرطَين هما البقاء في محور فيلادلفيا وتفتيش العائدين الى شمال قطاع غزة”، وذلك في إشارة إلى اتمام الاتفاق في شأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى مع حركة “حماس”. وذكرت الهيئة أنّ “ممثلين للموساد والشاباك والجيش ناقشوا الترتيبات الأمنية لمحور فيلادلفيا تمهيدًا للصفقة”، مضيفة “إن تم الانسحاب من محور فيلادلفيا فستطالب إسرائيل بإجراءات تمنع اقتراب “حماس” من حدود مصر”.
واشار وزير الدفاع يوآف غالانت الى أن “العمل جار على فتح الطريق لإعادة السكان إلى شمال البلاد”، مؤكدا أنه “في حال لم يفتح الطريق بالديبلوماسية فسيتم فتحه بالقوة”. وقال خلال زيارة لتقييم أوضاع الجبهة الشمالية في مقر الكتيية 36: “مركز ثقلنا يتحرك من الجنوب إلى الشمال، نحن في تغيير تدريجي، لدينا مزيدا من المهمات في الجنوب، لدينا رهائن، نحن في حاجة إلى إحضارهم، نحن نتفاوض في شأن هذا وأعتقد أننا سننجح”.
ومن جهته وزير المال بتسلئيل سموتريتش قال أن على الحكومة “حسم الحرب وإنهاءها بنصر مبين بإبادة حركة حماس واستعادة كل المخطوفين”. وقال في تغريدة عبر منصة “إكس”: “بفضل النشاط المهني والحازم لقواتنا الأمنية الممتازة، انتشلنا جثث 6 مختطفين من غزة، وسنواصل العمل معًا حتى تحقيق جميع الأهداف واستعادة الأمن لمواطني إسرائيل”.
وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، “أننا سنُحقق في أسباب وفاة الأسرى الـ6 الذين تم انتشال جثامينهم من غزة اليوم. (أمس)”. وقال “أننا نعمل على مدار الساعة لخلق ظروف مواتية لتحرير الأسرى في غزة”، مؤكدًا أنّه “لا يمكننا إعادة كل الأسرى في غزة بعمليات عسكرية”.وقال: “ظروف موت الأسرى الستة ما زالت غير واضحة”. وكان الجيش اعلن أنه انتشل جثامينهم في وقت سابق.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق غادي آيزنكوت: “كل رؤساء المؤسسة الأمنية ومعظم وزراء الكابينت أيدوا التوصل لصفقة وعارضها نتنياهو. علينا التحرك بسرعة لإعادة المختطفين وإلا فلن يكون هناك من نعيده. ا واعتبر ان ” الصواب بعد فشل7 أكتوبر الفادح هو إنهاء الحرب واستعادة المختطفين.” مشيرا الى انه “بعد 11 شهرا على بدء الحرب لم نحقق حتى الآن أيا من أهدافها“.
فيما أكد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أنه “يجب وقف محاولات نتنياهو لتعطيل المفاوضات ونحتاج صفقة الآن قبل موت الأسرى”.
حماس تستهجن
وفي المقابل أشارت حركة “حماس” في بيان الى انها “تابعت باستغراب واستهجان شديدين تصريحات الرئيس الاميركي جو بايدن التي ادعى فيها أن الحركة تتراجع عن اتفاق وقف إطلاق النار”. وقالت: “نؤكد أن تصريحات بايدن ووزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن هي ادعاءات مضللة ولا تعكس حقيقة موقفنا الحريص على الوصول إلى وقف العدوان”. واضافت: ان ما عرض علينا مؤخرا يشكل انقلابا على ما وصلت إليه الأطراف يوم 2 تموز والمرتكز على إعلان بايدن نفسه، وما عرض مؤخرا يعد استجابة ورضوخا أميركيا لشروط الإرهابي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الجديدة ومخططاته الإجرامية تجاه قطاع غزة” ولفتت الى ان “الوسطاء بقطر ومصر يعلمون أن الحركة تعاملت بإيجابية في كل المفاوضات، وأن نتنياهو يعرقل دائما التوصل لاتفاق”.
وقالت القيادي في حركة “حماس” اسامة حمدان: “طرحت علينا مقترحات في 2 تموز وقيل لنا أن الجانب الاسرائيلي وافق عليها ولكننا اليوم نتفاجأ بأن هناك انقلاباً على هذه المقترحات”. واشار الى ان “العبرة في التنفيذ وليس في المشاركة في المفاوضات وحماس شاركت سابقاً في مفاوضات عدة إنما إسرائيل تواصل ارتكاب المجازر، وحتى هذه اللحظة لم تحسم حماس قرار المشاركة في مفاوضات القاهرة. واعتبر ان “المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بحسب كلام بلينكن وطروحات نتنياهو، والعدو أعلن أنه يريد زيادة الضغط العسكري في الميدان، لذا فإن المقاومة في كل الساحات مدعوة للاستنفار في المرحلة المقبلة.
“فتح باب خيبر”
في غضون ذلك اعلام حزب الله نص رسالة بعثت “المقاومة الفلسطينية” الى “المقاومة الاسلامية” في لبنان، توجهت في مستهلها بالسلام الى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والى “المجاهدين الصابرين الثابتين كالجبال الراسيات، تزول الجبال ولا تزول أقدامهم”. وقالت:”من قلب غزة ومن رحى المواجهات والقتال وغبار المعارك، ومن قلب معاناة شعبنا المجاهد الصابر الثابت، نرسل لكم هذه الكلمات في هذه اللحظات الفارقة في تاريخ الأمة وخذلان البعيد والقريب، فهذا العدو المذعور في شوارع قطاع غزة وأزقته، وكما وصفه سماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله حفظه الله، بأنه أوهن من بيت العنكبوت، يقف اليوم على أطراف أصابعه يتملكه الخوف والانتظار المؤلم المُكلف للأيام والليالي والميدان. لقد أخطأ العدو في تقديراته وحساباته ونحن متيقنون من أنكم ستؤدون مهمتكم بكل جدارة، وسنرى بأسكم وجهادكم نافذاً بحول الله، أنتم وبقية إخواننا في محور المقاومة من إيران الإسلامية إلى سوريا العروبة، إلى العراق الأبي، وصولاً إلى اليمن العزيز الذي حفر في التاريخ الإسلامي والعروبي بالدم والبارود أروع معاني الانتماء لفلسطين وقضيتها، فقد حان اليوم أيها الأبطال المجاهدون التقدم نحو فتح باب خيبر من جديد، والعمل لزوال “إسرائيل” من الوجود”.
والى ذلك اعلن حزب الله بلسان النائب حسن فضل الله ” أن الجميع اليوم في فلسطين ولبنان والدول الأخرى ينتظر نتائج المفاوضات التي تجري بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وإلى أين ستصل”، وقال: “أن ما يعنينا نحن في المقاومة وفي لبنان وعلى مستوى حزب الله هو أن يتوقف العدوان على غزة، فهذا هو الهدف الذي وضعناه عندما بدأنا المشاركة لإسناد غزة”.
الرد الايراني
الى ذلك وفيما تترقب منطقة الشرق الأوسط رد إيران على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد محمد علي نائيني، أن “فترة انتظار رد طهران على إسرائيل قد تكون طويلة”. وأشار الى، ان هذا الرد “قد لا يكون تكراراً للعمليات السابقة”. ولفت الى “اننا لم نترك أي هجوم على أهداف إيرانية بلا رد، وعلى العدو أن ينتظر ضربات محسوبة ودقيقة في الوقت المناسب”. قال: “الإيراني يعلم أن قادة القوات المسلحة في أعلى مستويات اتخاذ القرار يقيّمون جميع المواقف ويتخذون قرارات دقيقة ومحسوبة ويغيرون حسابات العدو بإجراءات فعالة”.