تبدو عافية قطاع المطاعم والسهر في لبنان على طرف نقيض مع قطاع الفنادق، على الرغم من أنهما يتفرعان من قطاع واحد هو السياحة، وهذا ما يدفع إلى القول إن السياحة في لبنان راهنا أشبه بصيف وشتاء تحت سقف واحد.
أصحاب المطاعم والمقاهي يستمدون حركتهم وطاقتهم من طاقة الصيف وزواره من المغتربين «وماشي حالهم»، فيما في المقابل الغيوم تلبد أجواء أصحاب الفنادق الذين يئنون ويعانون ثقل انتظار فجر السلام في الجنوب وغزة، لبزوغ الفجر عليهم بعد ليل طويل ممتد منذ اكثر من 9 أشهر.
وإذا كان المغتربون، وهم عصب لبنان ورافعة اقتصاده، قد «أدوا قسطهم» للبلد هذا الصيف، فجاءوا من الدول العربية وأوروبا وأميركا وكندا وأستراليا وأفريقيا، وملؤوا المطارح، فإن مكوثهم هو في بيوتهم وبيوت الأهل لا في الفنادق وبيوت الضيافة التي يقصدها السياح.
وقد أدت حرب المنطقة إلى إحجام السائح العربي والأجنبي عن زيارة لبنان، باستثناء بعض من السياح العراقيين والأردنيين والمصريين.
واقع بائس على فنادق لبنان التي تكافح في معركة الصمود، لاسيما أن الكلفة التشغيلية فيها كبيرة جدا مقابل شح في نزلائها. وفي هذا الإطار، قال نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر في حديث إلى «الأنباء» الكويتية إن «نسبة إشغال الفنادق في بيروت لا تتخطى 30%، فيما تتراوح بين 10 و15% خارج العاصمة اللبنانية، أما مداخيل الفنادق هذا الصيف فتراجعت 60% عما كانت عليه صيف 2023».
وعن الخسائر التي مني بها قطاع الفنادق جراء انعكاسات الحرب في غزة والجنوب، وما إذا كان صحيحا أنها تقارب 3 مليارات دولار، أكد الأشقر أن «الخسائر كبيرة جدا»، لكنه تجنب الدخول في لعبة الأرقام «لأن الأرقام وجهة نظر في لبنان، لاسيما أن هناك مؤسسات كثيرة غير منضوية رسميا في القطاع، وهناك من يتهرب من دفع الضريبة أو لا يصرح عن كل أرباحه إلى وزارة المالية، ما يجعل الاستناد إلى أرقام دقيقة مهمة صعبة».
وإذا كان هناك من يتساءل عن مدى قدرة فنادق لبنان على الصمود ومقاومة الإقفال في ظل تراجع المداخيل واستمرار الحرب، علما أن عددها هو 560 فندقا، فإن جواب نقيب أصحاب الفنادق هو أن «القيمة العقارية للفندق لا تجعل إفلاسه بالأمر السهل، خصوصا أن المؤسسات الكبرى التي تتعرض اليوم لخسائر بالملايين هي عبارة عن استثمارات أجنبية يحافظ أصحابها الأجانب على قيمتها العقارية، ويحولون الأموال لسد الخسائر أو لإعادة تأهيل على مهل للفنادق التي تحتاج الى تأهيل».
الأمر الأكيد أن فنادق لبنان تحاول قدر الإمكان تدبير أمورها والتعايش مع أزمتها الراهنة، وهي عمدت إلى اختزال عدد المطاعم فيها من 5 مطاعم إلى مطعمين اثنين أو مطعم واحد، والى إطفاء بعض الطوابق توفيرا للطاقة وحصر الخدمة بـ 100 غرفة على سبيل المثال بدلا من 500.
فالطاقة، وكما يقول النقيب بيار الأشقر: «هي معضلة المعضلات وكلفتها العالية جدا ترتب على الفندق خسائر كبيرة في ظل نسبة إشغال منخفضة».
ولكن ماذا عن الموظفين؟ هل جرى تسريح البعض منهم؟ يجيب الأشقر:«نحن لا نسرح أحدا، ولدينا 150 ألف موظف مسجل في الضمان الاجتماعي، لكن الموظف وأمام عرض عمل أفضل في دول الخليج والعالم، يغادر من تلقاء نفسه».
لن تتوقف خسائر القطاع الفندقي مادام لبنان خارج الخارطة السياحية الإقليمية والعالمية. وفي الانتظار، فنادق لبنان تسللت إليها بعض العتمة، لكنها تدرك طريق العودة ولن تعرف الإقفال.