كتبت صحيفة “البناء”: انعقد اللقاء المرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان، حيث استقبل بوتين أردوغان على هامش أعمال قمة أستانة لقادة مجموعة شانغهاي، ونقلت مصادر تركية عن أردوغان إنه كان حريصاً على إبلاغ الرئيس بوتين ترحيبه بما تمّ التباحث بصدده مع وزير خارجيته حاقان فيدان خلال زيارته لموسكو ولقائه مع بوتين، وأنه جاهز للسير قدماً بالمقترحات الروسية للانتقال في العلاقة بين أنقرة ودمشق من القطيعة إلى التعاون، بما في ذلك لقاء قمة على مستوى الرؤساء وأي مستويات أخرى من اللقاءات. وقالت المصادر التركية إن التنسيق الميداني الروسي التركي السوري ربما يسبق أي لقاءات سياسية عالية المستوى. وتوقعت المصادر التركية صدور المزيد من المواقف التركية التي تطمئن سورية الى نيتها سحب قواتها من الأراضي السورية، بكلام أوضح من التأكيد على التمسك بوحدة وسيادة سورية وغياب أي أطماع تركية بالجغرافيا السورية. وقالت المصادر إن أردوغان مستعد لتعاون أمني متبادل، يضعف الجماعات الإرهابية في منطقة إدلب، والجماعات الكردية الانفصالية في شرق سورية، وإنه يتمنى ان يصدر عن دمشق ما يؤكد منعها إجراء انتخابات المجالس المحلية الكردية المعلن عنها، والتي يراها الأتراك مقدّمة لنشوء كيان انفصالي يخشون تأثيره على الداخل التركي والأمن التركي.
في حرب طوفان الأقصى تطوّر سياسيّ حملته التسريبات، ثم البيانات، حول إمكانية تحوّل إعلان المرحلة الثالثة من الحرب من قبل جيش الاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو، الى مدخل لإعادة ضخ فرص الحياة في مفاوضات التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى وإنهاء الحرب، حيث قالت مصادر متابعة في الدوحة إن بيان حركة حماس عن إيجابيات في التفاوض مع الوسطاء هو رسالة لدفع المفاوضات إلى الأمام، بعد صدور كلام مشابه من قادة جيش الاحتلال والمؤسسات الأمنية ثم لاحقاً من تسريبات عن إبلاغ نتنياهو عدداً من النواب في الكنيست استعداده للانفتاح على تفاوض لوقف الحرب. والصيغة الجديدة التي نضجت بين الأميركيين والمصريين والقطريين تنطلق من أن المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية في كيان الاحتلال قد دخلت مرحلة الإنهاك والضعف والاستعداد لإنهاء الحرب، وأنها ابلغت نتنياهو بذلك، وأنها تعتبر الهدف الواقعي للحرب المتمثل بمنع حماس من تكرار 7 أكتوبر، كافياً لإنهاء الحرب، ولو بقيت حماس تسيطر على غزة، وأن رفع سقف الحرب إلى عنوان القضاء على حماس قد يستدرج جيش الاحتلال إلى حرب استنزاف يكون هو الخاسر فيها، كما تقول مقارنة الأيام الأولى للحرب بالأيام الأخيرة منها.
وفق المصادر تقوم الصيغة التي عرضها الوسطاء على حماس كجزء من مبادرة بايدن المعدلة، وتعاملت معها بإيجابية، على تمديد وقف النار كلما استمرت المفاوضات حول وقف الحرب، لكن من دون تطبيق المرحلة الثانية التي تتضمن الإفراج عن الأسرى الذكور الأحياء من جيش الاحتلال إلا عندما تتقدم هذه المفاوضات أو تصل إلى نتائج نهائية. وبقي السؤال حول ما إذا كان الجيش والمؤسسات الأمنية بعد جملة التسريبات التي أظهرت خلافاً مع نتنياهو، في وضعية القدرة بدعم أميركي على فرض شروط التفاوض عليه؟
على جبهة لبنان اغتال جيش الاحتلال القيادي في المقاومة «أبو نعمة» قائد وحدة عزيز، وهو القيادي الثاني من هذا المستوى القيادي بعد اغتيال قائد وحدة نصر «أبو طالب»، وبدأت المقاومة ما وصفته الردّ الأوليّ على العملية بقصف عمق الكيان وصولاً الى جبهة الجولان بأكثر من 100 صاروخ من أنواع وعيارات مختلفة.
وفيما تستمر الجهود الدبلوماسية الدولية على خط الوساطة بين «إسرائيل» ولبنان لتجنب توسّع الحرب بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي والتوصل الى ترتيبات على الحدود مع فلسطين المحتلة، بالتزامن مع إعلان حكومة العدو الانتقال الى المرحلة الثالثة وتكثيف الضربات الأمنية المحدّدة، رفع العدو الإسرائيلي مجدداً وتيرة التصعيد وتكرار عمليات اغتيال القيادات الميدانية في المقاومة في محاولة لفرض معادلة الاغتيالات في لبنان أيضاً على غرار ما يحصل في غزة، وفق مصادر معنية لـ»البناء» وذلك «لتغطية الفشل الميداني الفاضح في فرض شروطه ومعادلاته في غزة ورفح وجنوب لبنان، ما يوحي بأن العدو قرّر التعويض عن الإخفاق العسكري في جبهات القتال، بتنفيذ عمليات اغتيال قيادات ميدانية رفيعة في المقاومة، وبالتالي سيكون المنهج الذي سيتبعه العدو في المرحلة المقبلة، لكن المقاومة وفق المصادر لن تسمح بكسر قواعد الاشتباك وتكريس معادلة اغتيال قيادات المقاومة من دون عقاب، ولذلك سترفع المقاومة من درجة ردّها على دفعات لحماية معادلة الردع وبالتالي قيادات المقاومة».
وبعد الشهيدين القياديين وسام الطويل و»أبو طالب»، استهدف العدو سيارة بصاروخ من طائرة حربيّة على طريق الحوش – صور ما أدّى الى استشهاد القيادي في حزب الله محمد نعمة ناصر «الحاج أبو نعمة» من بلدة حداثا في جنوب لبنان.
وزعم وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، بأننا «نوجه ضربات موجعة لحزب الله كل يوم». وفي محاولة لرفع معنويات جيشه المنهارة وتطمين مستوطني الشمال، ادعى بأن «الدبابة التي تخرج من رفح بإمكانها أن تصل إلى الليطاني وأننا سنصل إلى مرحلة الجاهزية الكاملة وسنكون في موقف قوة لأيّ عملية أو تسوية».
هذا الاغتيال سيستدرج جولات تصعيد بين حزب الله والجيش الإسرائيلي وفق خبراء عسكريين، إلا أن الخبراء استبعدوا لـ»البناء» أن يؤدي الاغتيال الى حرب شاملة لغياب الظروف والعوامل الموضوعية للحرب، أكان قدرة واستعداد الجيش الإسرائيلي أو قرار لدى حزب الله باللجوء الى خيار الحرب المفتوحة إضافة الى ممانعة أميركية كبيرة لعملية إسرائيلية في لبنان لأنها ستؤدي الى اندلاع حرب إقليمية تهدد أمن الكيان الإسرائيلي والمصالح الأميركية والغربية في البحرين المتوسط والأحمر والخليج وفي سورية والعراق.
وردت المقاومة على اغتيال الشهيد محمد نعمه ناصر، بقصف مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة «نفح» ومقر الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة «كيلع» بمئة صاروخ كاتيوشا، كما قصفت مقر قيادة اللواء 769 في ثكنة «كريات شمونة» بصواريخ فلق. كذلك استهدفت المقاومة مقرّ الكتيبة التابعة لسلاح البر في ثكنة «كيلع» بعشرات صواريخ الكاتيوشا، وثكنة «زرعيت» بصواريخ بركان.
وفي أول موقف لحزب الله على الاغتيال، أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، خلال الاحتفال التأبيني الذي أقامه «حزب الله» لعنصره عبد الأمير عسيلي في «مجمع المجتبى» في الضاحية الجنوبية أنَّ «اغتيال العدو للقائد المجاهد محمد نعمة ناصر «أبو نعمة»، لن يدفع المقاومة إلى التراجع، ولن يُضعف إرادتها وقرارها بمواصلة التصدي للاحتلال، أو يجعلها تخفِّف من الضغط عن الجبهة الشمالية، بل على العكس تمامًا، فإنَّ الفاتورة تكبر مع هذا العدو الذي لا خيار معه سوى المقاومة، ولا خيار أمامه سوى وقف عدوانه على غزة، وهي ستزيد من وتيرة ضغطها عليه، وسيكون لها ردها العقابي على جريمته، ليفهم هذا العدو أنَّ يد المقاومة طويلة، وقادرة على تعقِّب جيشه، وهو الذي لم يتعلَّم من كل تجارب الماضي بأنَّ اغتيال القادة والمقاومين لن يزيد هذه المقاومة إلّا إصرارًا على مواصلة جهادها، وعلى بناء القدرات، وهي ولَّادة كفاءات وقيادات، لأنَّ هؤلاء القادة ربُّوا أجيالًا من المقاومين».
وكان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النّائب محمد رعد قد أشار إلى أن «العدوّ الّذي يتخبّط جنوده وضبّاطه، كيف له أن يتهدّد لبنان بحرب؟ هو يهوّل بالحرب علينا من أجل أن يُغطي فشله الّذي سيُجبَر عليه في غزة»، فيما اعتبر عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشّيخ نبيل قاووق أنّ «المقاومة وبشكل واضح وحاسم استعدّت لكلّ الاحتمالات برًّا وبحرًا وجوًّا، وعلى مستويات الدّفاع والهجوم، حتّى إذا حصلت الحرب، تكون فرصة لها لتصنع لـ»إسرائيل» النكبة الكبرى»، مبيّنًا أنّ «كثرة التّهديدات الإسرائيليّة لا تعبّر عن القوّة، وإنّما عن الوجع والإحباط في مواجهة المقاومة».
وجدّدت الجمهورية الإسلامية في إيران، تهديدها لكيان العدو من مغبة التورط بحرب واسعة على لبنان، وأكد القائم بأعمال وزير الخارجية الايراني علي باقري كني، أن «لبنان سيكون بالتأكيد جحيماً بلا عودة للصهاينة»، لافتاً الى ان «المقاومة لعبت دورًا ميدانيًا ودبلوماسيًا باعتبارها فاعلًا نشطًا وهذا أدى إلى خلق الردع».
وإذ توقعت أوساط سياسية تأثير هذا الاغتيال سلباً على المفاوضات القائمة بين الأميركيين والدولة اللبنانية حول الترتيبات الحدودية، أشارت مصادر إعلامية الى أن «لقاء الموفد الأميركي آموس هوكستين والموفد الفرنسي جان ايف لودريان هو اشارة للاسرائيليين بأن الدورين الفرنسي والأميركي يتكاملان في الحل خصوصاً أن هذه الرسالة تأتي بعد التصريحات الاسرائيليه التي انتقدت الرؤية الفرنسية للحل».
على الصعيد الرسمي، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال مشاركته في فعالية «لبنان الدور والموقع بين الانتهاكات الإسرائيلية والمواثيق الدولية» التي أقيمت أمس، في فندق موفنبيك» أن «خيارنا في لبنان كان ولا يزال هو السلام وثقافتنا هي ثقافة سلام مبنيةٌ على الحق والعدالة وعلى القانون الدولي لا سيما القرار 1701»، مشيراً الى ان «الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان وما يشهده من قتل مُتعمّد لأهله وتدمير للبلدات وإحراق للمزروعات هو عدوان إرهابي».
على صعيد آخر، تكثفت المساعي والإتصالات لاحتواء عاصفة التوتر بين المجلس الإسلامي الشيعي والبطريرك الماروني بشارة الراعي، والتقى المطران بولس مطر أمس، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشّيعي الأعلى الشّيخ علي الخطيب في المجلس، بحضور الوزير السّابق وديع الخازن موفدين من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقد طغت الأجواء الإيجابيّة». وجرى التباحث في القضايا والشؤون الوطنية وتطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة. ورحّب الخطيب بالوفد في بيت اللبنانيين الذي أطلق مؤسسه الإمام السيد موسى الصدر مقولته التي أصبحت مقدمة للدستور اللبناني «لبنان وطن نهائي لجميع بنيه»، ونحن في المجلس نعتبر أن اللبنانيين أخوة وشركاء في الوطن، وأن يبقى الحوار قائماً بين اللبنانيين لانتخاب رئيس للجمهورية تمهيداً لتشكيل حكومة تعيد انتظام عمل المؤسسات وتتصدّى للأزمات المتفاقمة. وأكّد أن المقاومة تدافع عن اللبنانيين وتحمي سيادة لبنان التي لا تتجزأ، وهي نشأت كردة فعل على الاحتلال وتخلي الدولة عن مسؤولياتها في الدفاع عن الجنوب، والمقاومة اليوم تدافع عن كرامة كل اللبنانيين، ودماء شهدائها حفظت لبنان وحرّرت أرضه وردعت العدوان عن شعبه».
ووفق معلومات «البناء» من الوسطاء بأنه يجري تمهيد الأجواء للقاء بين الخطيب والبطريرك الراعي لطي صفحة موقف الراعي في عظة الأحد التي وصف فيها العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي بالإرهاب كما تم الاتفاق على وقف السجالات الإعلامية والحملات السياسية المتبادلة بين الطرفين. إلا أن مصادر معنية كشفت لـ»البناء» أن حزب الله قدر الإيضاحات التي صدرت عن الدائرة الإعلامية في بكركي وزيارات بعض المطارنة الى المجلس الشيعي، لكن الحزب ينتظر موقفاً توضيحياً رسمياً من البطريرك الراعي لكي يمحو آثار مواقف العظة الأخيرة. ووفق المعلومات تتجه الأنظار وتترقب الأوساط السياسية موقفاً للراعي ينهي الأزمة في عظة الأحد المقبل.
وفي مجال آخر، كشف مصدر معني لـ»البناء» أن الجامعة العربية أزالت تصنيف حزب الله بالإرهاب في اجتماعات القمة العربية العام الماضي لكن موقف الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي خلال زيارته الأخيرة لبيروت بأن الجامعة أزالت الحزب عن تصنيفها للإرهاب، كان يهدف لمد جسور التواصل مع الحزب بعد المتغيرات على الساحة الإقليمية، لكن الضغوط الأميركية التي عبر عنها الرئيس فؤاد السنيورة بأننا لن نعطي حزب الله هدايا مجانية، دفعت بالسفير زكي لنصف تراجع وربط تغيير الموقف العربي من حزب الله ببعض التحفظات على أدائه في المنطقة، لكن لن يلغي نصف التراجع هذا الموقف العربي الواقعي الذي يستلحق التحوّلات الكبرى التي سترسم المشهد الإقليمي في المرحلة المقبلة لا سيما بعد طوفان الأقصى وفرض حركات المقاومة في المنطقة لا سيما حركة حماس وحزب الله معادلات جديدة وتحوّل حزب الله قوة إقليمية عسكرية وسياسية وشعبية لا يمكن لأي نظام أو حكومة عربية تجاهلها بعد الآن.
على الخط الرئاسي، لفتت مصادر اللجنة الخماسية وفق مصادر إعلامية إلى أن «اللجنة تعود الى الانعقاد بدءاً من الأسبوع المقبل للتأكيد على الضغط الدولي المستمر لانتخاب رئيس للجمهورية».