على صعيد الاستحقاق الرئاسي، جرى اتصال هاتفي قبل يومين بين الرئيس نبيه بري والموفد الفرنسي جان إيف لودريان، تمّ خلاله البحث في تطورات العدوان الاسرائيلي على لبنان، كذلك ثمّن لودريان الموقف المتعاون لبري من أجل إنهاء الشغور الرئاسي على قاعدة انتخاب رئيس توافقي للجمهورية.
وضمن سياق متصل، قالت اوساط سياسية مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ بري أبدى مرونة كافية لتسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، مشيرةً الى انّ تخلّيه عن التمسك بإجراء حوار يسبق جلسة انتخاب الرئيس ودفعه نحو اعتماد الخيار التوافقي، يعكسان تحسساً بالمسؤولية وبدقة المرحلة الحالية، والمطلوب من الآخرين ملاقاته في هذا المنحى الإيجابي للمبادرة من دون إبطاء إلى انتخاب رئيس لا يشكّل تحدّياً لأحد، خصوصاً انّ معالجة تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان وتحصين الجبهة الداخلية في هذه الظروف الخطرة يستوجبان ملء الشغور في قصر بعبدا.
تصور المعارضة
وفي إطار الردّ الذي بدأت مؤشراته تظهر على المبادرة الثلاثية التي أطلقها الرئيسان بري وميقاتي ومعهما السيد وليد جنبلاط، يعقد عدد من نواب قوى المعارضة وتشكيلاتها من الكتل النيابية مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم في قاعة المؤتمرات الصحافية في مجلس النواب، لطرح ما سُمّيت «رؤيتهم المشتركة لإنقاذ لبنان من آتون الحرب وتبعاتها وإعادة بناء مؤسسات الدولة».
وقالت المصادر التي شاركت في التحضيرات لهذا الموقف اليوم لـ«الجمهورية»، انّها قصدت التجاوب مع كل مبادرة تنهي فترة خلو سدّة الرئاسة، ولكن ليس وفق ما تعتبره مصلحة لبنانية عليا بمعزل عن المصالح الصغيرة والتي يريدها البعض على قياسه، متجاوزة في هذه المرحلة الدقيقة ما لقيته مبادراتها السابقة وطريقة التعاطي معها باستعلاء وسخرية غير مسبوقة في الحياة السياسية اللبنانية وصولاً، إلى ما بلغه الوضع في لبنان وسقوط كثير من السيناريوهات الوهمية بتكلفتها العالية عليهم وعلى لبنان في آن.
حراك نيابي بين الكتل
وعلى المستوى النيابي، كشفت مصادر نيابية مطلعة لـ«الجمهورية»، انّه وبالإضافة الى الحراك الذي قاده موفدو الرئيس السابق للحزب «التقدمي» وليد جنبلاط على الكتل النيابية، يواصل وفد من نواب كتلة «الاعتدال الوطني» النيابية اتصالاتهم ما بين غد والخميس المقبل، مع أعضاء الكتل النيابية الأخرى، للتشاور في محاولة لتوليد آلية يمكن ان تؤدي الى رسم خريطة طريق إلى الصيغة التي أطلقها النداء الثلاثي من عين التينة، وترجمته إلى آلية يمكن ان تؤدي الى تكوين أكثرية الثلثين ما فوق الـ86 نائباً وما يفيض على 90 على الاقل، حول مجموعة صغيرة من الأسماء التي يمكن أن تدفع ببري إلى الدعوة الى جلسة انتخاب تليها دورات متتالية ولو أخذت اياماً عدة.
وعلمت «الجمهورية» أنّ هناك اقتراحاً يقول بالدعوة الى جلسة انتخابية تليها دورتان أو ثلاث دورات، على ان يأخذ المجلس فرصة ليومين لا اكثر، يليها خليط من جلسات انتخابية واخرى للتشاور بين جدران المجلس النيابي، سعياً الى اسم توافقي، وإن لم يحصل ذلك وبقيت العملية محصورة في المرحلة الأولى بإسمين، يمكن عندها الذهاب الى جلسة انتخابية للفصل النهائي بينهما، وخصوصاً إن كانا من لائحة المتوافقين عليهما ولا يشكّل اي منهما تحدّياً او استفزازاً لأحد.
وانتهت هذه المصادر بالقول، «إنّ التقليل من أهمية تراجع بري عمّا سُمّي جلسة حوار او تشاور، يمكن أن تشكّل فرصة ايجابية. وهو بهذه الخطوة يترجم موقفاً موحّداً لـ«الثنائية الشيعية» مهما قيل عن موقف «حزب الله» بإصراره على اولوية وقف النار على الخيار الرئاسي وعدم الحاجة للتوجّه الى مثل هذه الخطوة، وخصوصاً أنّ وجوده يشكّل الضمان الشرعي للحزب للخروج من المأزق. فالعالم يدفع في اتجاه تكوين سلطة شرعية كاملة المواصفات الدستورية التي يوفّرها رئيس الجمهورية لتقود البلاد وتؤمّن حضور لبنان على المستوى المطلوب».
الحراك الفرنسي
على صعيد آخر، قالت مصادر ديبلوماسية اوروبية لـ«الجمهورية»، انّ عودة وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو الى بيروت كانت واردة قبل الخميس الماضي، بعدما تبين له انّ المسؤولين اللبنانيين لم يوفقوا بعد في اتخاذ بعض المواقف المطلوبة، ليس على المستوى الفرنسي فحسب إنما على المستوى الدولي، نتيجة المشاورات التي رافقت النداء الاميركي ـ الفرنسي ـ الدولي الذي أُطلق من نيويورك نهاية الشهر الماضي، قبل أن تبدا جولته المبرمجة سلفاً في المنطقة، والتي شملت حتى الأمس الرياض وتل أبيب قبل ان يزور عمان والقاهرة.
وانتهت المصادر الى القول، انّه وإن طرأ اي تقدّم فقد يعود الى بيروت، مع انّ عودته مستبعدة في ظل التصعيد العسكري في الجنوب وعدم القدرة على تثبيت وقف النار واستحالة الفصل بين الوضع في جنوب لبنان وغزة.
المصدر: الجمهورية