لم يتبيّن ما إن كان فعلاً سيقدم وزير التربية القاضي عباس الحلبي استقالته من الحكومة الحالية. لكن هل من مخرج دستوري لتعيين بديل في حال استقالة وزير من حكومة هي أصلاً بحكم المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية؟
قبل أشهر سرت أخبار عن نيّة وزير المال يوسف خليل الاستقالة، ولكن الوزارة عادت وأوضحت أن الوزير يتابع عمله ولا ينوي الاستقالة. وأمس عادت قضية الاستقالة من الحكومة الى الواجهة ولكن في وزارة التربية. وإن كانت الاستقالة في الظروف العادية تستدعي إجراءات دستورية يمكن القيام بها، فما الحال في ظلّ الحكومة الحالية التي تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية.
مالك: لا يمكن الاستقالة ولا تعيين بديل
يستمر الفراغ في سدة الرئاسة ويقترب من يومه الـ600 وسط انسداد الأفق امام انتخاب رئيس للجمهورية بسبب استمرار تمسّك كل فريق بمرشحه وبموقفه وبالتالي لا بصيص أمل راهناً ولا سيما في ظل الحرب الدائرة في المنطقة.
لكن ماذا يقول الدستور في حال استقالة وزير من حكومة مستقيلة أصلاً؟
ينطلق الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك من قراءة دستورية لـ”النهار” مفادها أن “من الثابت والأكيد أن الوزير في حكومة تصريف الأعمال لا يمكنه الاستقالة من حكومة هي مستقيلة بحسب المادة 69 من الدستور”، لكن يمكن للوزير الاعتكاف.
يجيب مالك “يمكن للوزير الاعتكاف وهذا حق لكل وزير، ولكن هذا يرتب عليه مسؤولية ونتائج ولا سيما أن الوزير هو الذي وافق على تولي مهام الوزارة وذلك في مراسيم التكليف، والتأليف، والتعيين، إذ سبق له أن وافق على أنه يمكن أن يصل الى مرحلة تستقيل فيها الحكومة، وهو ملزم بتصريف الأعمال حتى تأليف حكومة جديدة حسب الأصول.
ويوضح أن “الاعتكاف يرتب مسؤولية على الوزير المعتكف ويمكن أن تصل الى حد مداعاته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.
أما لجهة إمكانية تعيين وزير آخر مكانه فيجزم بأن ذلك غير ممكن، “فتعيين الوزير يكون من خلال مرسوم يوقعه رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المكلف، ومع غياب رئيس الجمهورية لا إمكانية على الإطلاق لتعيين وزير، وجلّ ما يمكن أن تقوم به الحكومة هو إحلال الوزير المعيّن بمرسوم التكليف بالوكالة الذي يصدر مع مرسوم تأليف الحكومة وبالتالي يمارس الوكيل تلك المهام ويحل مكان الوزير الذي يعتكف لأي سبب من الأسباب”.
أما في الأحوال العادية فمن حق الوزير الاستقالة بإرادته المنفردة وهذا حصل في أكثر من حكومة، ما دامت الوزارة لا تشبه الوظيفة العادية وهي خدمة عامة.
في المحصلة، نادراً جداً ما حصلت استقالة لوزير أو وزراء من حكومة في ظل الفراغ في سدة الرئاسة، ولم يسجل أن استقال وزراء من حكومة الرئيس تمام سلام التي استمرت في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية من 25 أيار عام 2014 الى 31 تشرين الأول عام 2016، وكانت أطول فترة فراغ رئاسي في تاريخ الجمهورية اللبنانية.
أما أشهر الاستقالات من الحكومة فكانت في عام 2006، فإن الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة استمرت في ممارسة مهامها حتى في ظلّ استقالة 6 وزراء حينها ولم تبادر الى تعيين بدلاء لهم، علماً بأن استقالتهم جاءت قبل الفراغ الرئاسي الذي عرفه لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود في 23 تشرين الثاني عام 2007.
أما إذا قرّر وزراء الاستقالة فعلاً من الحكومة الحالية فإن ذلك سيكون سابقة في تاريخ لبنان، اقله بعد الطائف.
المصدر: النهار