لن تحدُث، بتأكيد معلومات “أساس”، أيّ توقيفات في ملفّ الكهرباء بناء على “الإخبار” الذي قدّمه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد خروج شبكة الكهرباء كلّياً من الخدمة ووضع النيابة العامّة التمييزية يدها على الملفّ. رئيس الحكومة ليس بوارد تجاوز حدّ التأنيب و”فرك الأذن” ورفع المسؤولية عنه، فما ينتظر الحكومة أصعب وأعقد، وبالتأكيد ليست بحاجة إلى فتح باب إشكال آخر عليها!
بغضّ النظر عن استدعاءات النيابة العامّة التمييزية من وزير الطاقة وليد فيّاض ونزولاً يمكن التسليم بأنّ القضاء لن يذهب بعيداً في ملفّ تحديد المسؤوليّات وصولاً إلى توقيف “المقصّرين والمرتكبين”. ردّ ميقاتي الضربة عن حكومته، وحاليّاً ينصرف إلى حلّ إشكالات أكبر من الالتزامات العسكرية والسياسية لتنفيذ القرار 1701 ومحاولة منع إدراج لبنان على اللائحة الرمادية في عهد حكومته التي تصرِّف الأعمال منذ سنة وعشرة أشهر، وتوفير مستلزمات أيّ حرب قد تكون وشيكة على لبنان، والأهمّ تجنيب حكومته انفجار لغم التعيينات داخلها.
قطوع التّمديد والتّعيين
ينتظر الحكومة مرّة جديدة قطوع التمديد المُحتَمل لقائد الجيش العماد جوزف عون والتعيينات التي يجري الحديث عنها لبعض أعضاء المجلس العسكري، إضافة إلى مصير طعن وزير الدفاع موريس سليم بقرار تعيين اللواء حسّان عودة رئيساً للأركان، ومصير الطعن الذي قدّمه عميد في الخدمة الفعلية بقرار وزير الدفاع التمديد للّواء بيار صعب استناداً إلى القانون نفسه الرقم 317 الذي أتاح التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة والعسكرية.
صحيح أنّ مجلس النواب قد يكون المعنيّ الأساس بالتمديد لقائد الجيش لأنّ التمديد الأوّل حصل داخل البرلمان وليس من خلال صيغة قانونية تتيح التمديد من داخل الحكومة، لكنّ الأخيرة قد تجد نفسها مرّة أخرى أمام قطوع التمديد والتعيين، حيث تطرح علامات استفهام كبرى حول مدى “احتضان” الثنائي الشيعي، برّي والحزب، للتمديد مرّة ثانية لقائد الجيش عبر قانون يقرّه مجلس النواب أو احتمال وضع الحكومة يدها على الملفّ.
هوكستين لم “يحكِ بالتّمديد“
في هذا السياق تبرز المعطيات الآتية:
– تؤكّد المعلومات، بعكس ما تمّ تسريبه، أنّ الموفد الرئاسي آموس هوكستين لم يفتح سيرة التمديد لقائد الجيش مع الرئيسين برّي وميقاتي خلال زيارته الأخيرة للبنان. لكنّ احتمالات التمديد ستكبر أكثر في حال بقاء استاتيكو الوضع السياسي-الأمني-العسكري على حاله مع ضغط دولي مُشابِه لما حصل في التمديد الأوّل بسبب حساسية المرحلة. ويكمن السؤال فقط في إمكان أن يتمّ الأمر من خلال إقرار قانون مشابه لذاك الذي صدر في 15 كانون الأول الماضي ومدّته (سنة أو ستّة أشهر) أو من خلال إقرار قانون يتيح التمديد سنتين لكلّ العسكريين في كلّ الأجهزة، أي التمديد الشامل. هنا يسقط دور الحكومة تماماً في إيجاد تخريجة لإبقاء قائد الجيش في موقعه لم تكن متاحة أصلاً في التمديد الأوّل بسبب رفض وزير الدفاع.
– تحدّث النائب وائل أبو فاعور في الإعلام عن صيغة يجري العمل عليها حالياً بالتنسيق بين الرئيسين بري وميقاتي لتجنّب الاصطدام المرتقب في المؤسّسة العسكرية وتقضي “صيغة حلّ الوسط بتعيين ثلاثة أعضاء ضمن المجلس العسكري، من ضمنهم رئيس الأركان، حيث تجري إعادة التأكيد على تعيينه (لم يصدر مرسوم تعيينه عن الحكومة)، ولا نزال بانتظار جواب وزير الدفاع على هذا الحلّ”.
لكنّ مصادر رئاسة الحكومة تؤكّد لـ “أساس” أنّ “هذه الصيغة قديمة وجرى طرحها سابقاً ووصلت إلى طريق مسدود”. على الأرجح يبدو أنّ القرار بإقرار تعيينات بالأصالة في مراكز عسكرية وأمنيّة لم ينضج بعد، وبالتحديد قرار تعيين قائد جيش أصيل، وهي صيغة سوّق لها سابقاً وزير الدفاع مع تعيين قادة أصيلين بالمجلس العسكري، ورُفضت بالكامل.
– تبدو الحكومة فعليّاً أمام موقف صعب بسبب تعذّر تنفيذ قرارها الوزاري الصادر في 8 شباط الماضي بتعيين العميد عودة رئيساً للأركان وترقيته لرتبة لواء. فعدم صدور المرسوم جمّد مفاعيل القرار، مع العلم أنّ قائد الجيش علّق رتبة لواء لعودة مستبقاً صدور المرسوم. وهذه نقطة حسّاسة جدّاً، فالنائب وليد جنبلاط يضغط لحلّ إشكالية التعيين، وأيّ حديث مرتقب عن تمديد أو عدم تمديد لقائد الجيش يرتبط فعليّاً بمدى وجود ضابط أصيل يحلّ مكانه وفق قانون الدفاع، وهو بهذه الحالة رئيس الأركان. لكن لا يزال قاطعاً الرفض المسيحي حتى الساعة (من ضمنه جبران باسيل) لتسلّم عودة زمام القيادة مؤقّتاً، وفي الوقت نفسه لا يزال “محور” وزير الدفاع-باسيل يقف بوجه التمديد مجدّداً لقائد الجيش.
الأهمّ أن لا أحد قادر على تحديد رأي مجلس شورى الدولة الذي لجأ إليه وزير الدفاع للطعن بقرار تعيين حسّان عودة، ومدى تأثيره في حال صدر وكان لمصلحة وزير الدفاع، خصوصاً أنّ الحكومة قامت بالتعيين، بموافقة الثنائي الشيعي، عبر القفز فوق اقتراح وتوقيع وزير الدفاع. واستطراداً ما هي الصيغة القانونية التي تتيح اعتبار عودة رئيساً فعليّاً للأركان؟
– في المقابل، تواجه المؤسّسة العسكرية وضعاً دقيقاً بحلول 27 أيلول موعد إحالة عضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب للتقاعد (عضو متفرّغ ضمن المجلس العسكري يشغله ضابط كاثوليكي). في 12 حزيران الماضي عمد وزير الدفاع بقرار منه إلى التمديد لصعب لمدّة سنتين، إضافة إلى اللواء محمد مصطفى، استناداً إلى قانون التمديد لقادة الأجهزة. بقيت قانونية خطوة وزير الدفاع عالقة إلى حين تقديم قائد قطاع جنوب الليطاني في الجيش العميد إدغار لاوندس مراجعة طعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار الوزير لوقف تنفيذه واعتباره باطلاً. ثمّ ردّ وزير الدفاع عبر هيئة القضايا في وزارة العدل بمطالعة جوابية على التبليغ وُصِفت بـ “المُحكَمة”.
وفق مصدر مطّلع تحدّث لـ “أساس” “سيحال اللواء صعب إلى التقاعد بتاريخ 27 أيلول استناداً إلى معطيَين: قرار مجلس شورى الدولة المرتقب بوقف تنفيذ القرار أو إبطاله. وبعدما طلبت رئاسة الوزراء رأي هيئة التشريع والاستشارات حول المستفيدين من قانون التمديد، أفتت الهيئة بحصريّة استفادة العماد جوزف عون واللواء عماد عثمان واللواء الياس البيسري واللواء طوني صليبا من القانون”.
هذا الواقع، برأي المصدر، يعزّز فرضيّة إبطال مفاعيل قرار وزير الدفاع، ويمنح قائد الجيش قوّة دفع لاعتبار اللواء صعب ضابطاً سابقاً بعد تاريخ 27 أيلول.
هكذا سيتعمّق الشغور أكثر في تركيبة المجلس العسكري وسط معطيات تؤكّد أنّ الحكومة ليست بوارد إقرار تعيينات عسكرية، مع أو من دون قائد الجيش، في ظلّ الظروف الراهنة. والدليل ما حدث في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة حين سُحِبَ مشروع مرسوم بتعيين رئيس مجلس الخدمة المدنية رئيساً لإدارة التفتيش المركزي بالوكالة، وتعيين رئيس إدارة التفتيش المركزي رئيساً لمجلس الخدمة المدنية بالوكالة لمدّة سنة. قامت قيامة الفريق المسيحي على التعيين بالوكالة فتراجعت رئاسة الحكومة إلى الوراء، وهو ما يشير إلى صعوبة إجراء تعيينات بهذا الثقل العسكري في ظلّ الحكومة الحالية.
المصدر – أساس ميديا