كتب نادر حجاز في موقع mtv:
“حان الوقت لأن يتحرك محور المقاومة والعمل لزوال إسرائيل من الوجود”، هكذا خاطبت “سرايا القدس”، وهي الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، حزب الله في بيانها اللافت منذ يومين، ما أوحى بأن معركة كبرى قد اقتربت، فهل “الحزب” فعلاً يريد خوض معركة زوال إسرائيل؟
لا توحي المواقف الصادرة عن “الحزب” أخيراً تناغماً مع هكذا طروحات، وإن جمعهما الخندق في المحور الواحد. وهنا يعلّق الكاتب والباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد الأيوبي، في حديث مع موقع mtv، بالقول: “تعتبر الرسالة أنّ اليوم حان للتقدم نحو فتح باب خيبر من جديد، والعمل لزوال إسرائيل من الوجود، ولكنّها تناقض عملياً تصريح الأمين العام للحزب حسن نصرالله في ذكرى أسبوع القائد الشهيد فؤاد شكر أنّ “هدف المعركة الآن ليس إزالة “إسرائيل” إنما منعها من الإنتصار”. وهنا يبرز الفارق في الرؤية التفصيلية لإدارة المواجهة”.
ويأتي سلوك “الحزب” الميداني منذ السابع من تشرين الأول ليعزّز الرأي القائل بأنه لا يريد خوض حرب شاملة، إنما يبدو حريصاً دائماً على عدم خرق قواعد الإشتباك رغم تجاوزها مراراً من قِبل إسرائيل عبر غاراتها المتكررة وعمليات الإغتيال التي تنفذها.
وهنا تكمن المفارقة، ويشير الأيوبي إلى أنه “لا يمكن إنكار أنّ الكيان الإسرائيلي تعرّض لزلزال استراتيجي كبير بعد عملية “طوفان الأقصى” ولكنّ الفارق أنّ التحالف الغربي مع تل أبيب استطاع بسرعة كبيرة حمايتها وتأمين أعتى أنواع الأسلحة لها، بينما خذل المحور وفي قلبه إيران، حماس والمقاومة الفلسطينية، وهكذا ضيّع الحزب الساعات الأولى التي كان يمكن أن يُحدِث فيها التدخّل الأكثر تأثيراً باقتحام الجليل.. وتستمر طهران في رفض خوض الحرب الكبرى باحثة عن الصفقة المناسبة لمصالحها في المنطقة”.
ولكن لماذا اختارت “سرايا القدس” توجيه هذه الرسالة في هذا التوقيت؟ يجيب الأيوبي: “بدت رسالة “سرايا القدس” وكأنّها رسالة دفعٍ لـ”حزب الله” نحو المواجهة وهذا ما يظهر في قولها: “لقد أخطأ العدو في تقديراته وحساباته ونحن متيقنون من أنكم ستؤدون مهمتكم بكل جدارة، وسنرى بأسكم وجهادكم نافذاً بحول الله” وكأنّ السرايا تتحدّث عن حربٍ وشيكة، ووفق المعطيات الراهنة، فإنّ الحزب لا يرتاح ولا يريد الحرب، ولكنّ السرايا من موقعها في غزة ترى أنّ المواجهة المفتوحة من شأنها إحداث تغيير استراتيجي قد يقلب التوازنات، بينما يرتفع ترجيح الاتجاه الإسرائيلي نحو الحرب”.
لكن الأيوبي يستطرد معتبراً أن “رسالة “سرايا القدس” وقعت في مغالطة يتجاهلها المحور الإيراني أو يمارس تجاهها وضعية النعامة، عندما وضعت “سوريا العروبة” في قلب المحور الإيراني. هذا الأمر أصبح من الماضي بعد كلّ التأكيدات التي راكمها الرئيس السوري بشار الأسد بانفصاله عن المحور منذ الساعات الأولى لعملية “طوفان الأقصى”، سواء لجهة الموقف السياسي المنحاز عملياً إلى الدول العربية والمانع لأيّ عمل عسكري من الأراضي التي يسيطر عليها ضدّ “إسرائيل” والرافض للانخراط في أيّ حرب مفتوحة في المنطقة”.
وحول معنى هكذا رسائل في أدبيات هذه الحركات، أوضح أن “هذا النوع من الخطابات المتبادلة هو نوعٌ من أنواع التخادم بين حركات ومنظمات المحور غايته التضخيم الإعلامي المتبادل ورفع المعنويات وبعث الرسائل السياسية والأمنية إلى الأطراف المعنية وتبجيل شخص الأمين العام لـ”حزب الله” باعتباره المرجع والقدوة”.
“إعتمدت الرسالة صيغة المبالغة في تقدير خسائر العدو الإسرائيلي ووضعه الاستراتيجي حتى يشعر من يقرأها وكأنّ الفصائل الفلسطينية تقتحم تل أبيب”، يقول الأيوبي، “لكنّ هذا لا يعني الانتقاص من حقيقة صمود المقاومين الفلسطينيين في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق خسائر مؤلمة وجدية في صفوف الاحتلال”.
إذاً، هي رسالة رفع معنويات، وتوسّع إطار الحرب لن يعني إنطلاق المعركة الفاصلة لإزالة إسرائيل من الوجود، وإلا لكانت انطلقت هذه المعركة منذ اليوم الأول في السابع من أكتوبر.