كتبت صحيفة “البناء”: على إيقاع صليات صواريخ المقاومة على المواقع الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة وتساقط المسيرات الانقضاضية على مقار القيادة لقواته في الجولان، تلقت قيادة المقاومة رسالة المقاومة الفلسطينية التي تدعوها مع إيران وسورية والعراق واليمن الى مرحلة جديدة من الحرب أسمتها بفتح باب خيبر من جديد.
الرسالة تعكس تقدير المقاومة في غزة لحجم مأزق كيان الاحتلال من جهة، وتعثر المسار التفاوضي من جهة موازية، حيث بدا واضحاً أن الموقف الأميركي الداعم أساساً للحرب وكيان الاحتلال قد انتقل من الخشية من التصعيد إلى مباركته. وهذا يجعل كل المبادرات التفاوضية مفخخة بالسعي لتحقيق أهداف الاحتلال، كما حدث في مسعى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الذي تم تزيينه باعتباره مشروع ضغط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بحيث تكشف ما نتج عن جولة بلينكن من تضمين شروط نتنياهو في بنود معدّلة لمبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن التي قبلتها المقاومة ممثلة بحركة حماس منذ أكثر من شهر. وفي ختام جولته في الدوحة أعاد بلينكن تكرار تحميله حماس مسؤولية تعثر التفاوض مجدّداً الكلام عن موافقة نتنياهو على الصفقة، ولم يتردد الرئيس الأميركي عن اتهام حماس بالانقلاب على موافقتها على مبادرته، ما اضطر حماس للردّ على كلام بايدن وبلينكن بكشف المقترح الذي عرض عليها وما تضمّنه من تعديلات هي تماماً طلبات نتنياهو، وقالت إن بايدن هو من انقلب على مبادرته.
في تداعيات انسداد مسار المفاوضات، وجّهت المقاومة الفلسطينية في غزة رسالة تحمل الكثير من المعاني والأبعاد للمقاومة في لبنان، فقالت «من قلب غزة ومن رحى المواجهات والقتال وغبار المعارك، ومن قلب معاناة شعبنا المجاهد الصابر الثابت، نرسل لكم هذه الكلمات في هذه اللحظات الفارقة في تاريخ الأمة وخذلان البعيد والقريب، فهذا العدو المذعور في شوارع قطاع غزة وأزقته، وكما وصفه سماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله، حفظه الله، بأنه أوهن من بيت العنكبوت، يقف اليوم على أطراف أصابعه يتملّكه الخوف والانتظار المؤلم المُكلف – للأيام والليالي والميدان –».
وأضافت الرسالة «لقد أخطأ العدو في تقديراته وحساباته ونحن متيقنون من أنكم ستؤدون مهمتكم بكل جدارة، وسنرى بأسكم وجهادكم نافذاً بحول الله، أنتم وبقية إخواننا في محور المقاومة من إيران الإسلامية إلى سورية العروبة، إلى العراق الأبي، وصولاً إلى اليمن العزيز الذي حفر في التاريخ الإسلامي والعروبي بالدم والبارود أروع معاني الانتماء لفلسطين وقضيتها، فقد حان اليوم أيها الأبطال المجاهدون التقدّم نحو فتح باب خيبر من جديد، والعمل لزوال «إسرائيل» من الوجود».
تبدو المؤشرات سلبية حيال تطوّرات الوضع في غزة رغم كل المساعي الساعية لوقف إطلاق النار وعدم توسيع نطاق الحرب. وبينما يواصل العدو حربه على غزة أفاد وزيرالحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، بأن «مركز الثقل ينتقل بشكل تدريجي من الجنوب إلى الحدود الشمالية مع لبنان»، معلناً أن «الهجمات التي نفذناها في عمق لبنان استعداد لأي تطورات قد تحدث».
في غضون ذلك، وجّهت حركة حماس رسالة لـ «حزب الله»، جاء فيها «لقد أخطأ العدو في تقديراته وحساباته ونحن متيقنون من أنكم ستؤدّون مهمتكم بكل جدارة»، مضيفة: «»إسرائيل» غارقة في وحل غزة فكيف لها أن تواجه وتقاتل الحزب في لبنان».
على خط آخر، تستمرّ المفاوضات عبر فرنسا بين لبنان والدول المعنية بالتجديد لـ»اليونيفيل» ويجري العمل على أن تكون أي تعديلات قد يتمّ إدخالها على صلاحيات اليونيفيل شكليّة لا جوهريّة. وكانت جلسة مجلس الأمن شهدت عرضاً لتبادل إطلاق النار على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية أجراه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط. وأكد مجلس الأمن في جلسة 19 آب حماية اليونيفيل والتجديد بالمضمون والولاية والتمويل نفسه»، لافتاً إلى أن «عرض مجلس الأمن أشار الى أن 16 ألف مقذوفة أطلقت على جانبي الخط الأزرق 75% منها من «إسرائيل» و25% من حزب الله».
وفي ردّه على الاعتداءات الإسرائيليّة الّتي طاولت القرى والبلدات في الجنوب، فضلًا عن العمق اللّبنانيّ، قصف «حزب الله» بصليات مكثفة من الصواريخ مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة نفح ومقر فوج المدفعية ولواء المدرعات التابع للفرقة 210 في ثكنة يردن». أيضاً، واستهدف ثكنة برانيت بالأسلحة المناسبة وأصابها إصابة مباشرة، كما قصف اليوم مقرّ الفرقة 146 في جعتون بصليات من صواريخ الكاتيوشا». وقد تحدّث جيش العدو الإسرائيلي عن رصد إطلاق 55 صاروخاً من جنوبي لبنان واعتراض بعضها فيما سقط الباقي في مناطق مفتوحة.
ومع تواصل القصف الإسرائيلي اليومي على البلدات والقرى الجنوبية، تعرّضت بلدة طلوسة في قضاء مرجعيون لقصف مدفعي. وشن الطيران الحربي غارة مستهدفاً بلدة عيتا الشعب. كما سقطت قذيفتان على مثلث باب ثنية في الخيام، أسفرت عن إصابة عامل سوريّ، تمّ نقله الى مستشفى مرجعيون الحكومي للمعالجة. واستهدف الطيران المسيّر الإسرائيلي دراجة نارية على طريق بين بافليه والشهابية. إلى ذلك، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين استهدفت إحداهما منزلًا في بلدة الضهيرة في جنوب لبنان. وأصيب ثلاثة مسعفين من الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية، إثر غارة نفّذتها طائرة مسيّرة إسرائيلية، واستهدفت محيط سيارة إسعاف كانوا يستقلّونها لنقل جرحى من منطقة حامول في الناقورة.
وأعلن مركز عمليّات طوارئ الصّحة العامّة التّابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، «ارتفاع عدد الجرحى جرّاء غارات العدو الإسرائيلي مساء أمس على البقاع، إلى أحد عشر شخصًا، في حصيلة نهائيّة»، مشيرًا إلى أنّهم «عولجوا جميعهم في الطّوارئ.
وعرض وزير البيئة ناصر ياسين في مكتبه في الوزارة، مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت والمنسّق المقيم للشؤون الإنسانية عمران ريزا، للأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة. كما عرض ياسين بصفته رئيس لجنة الطوارئ الحكومية مع بلاسخارت وريزا، للمستجدات في جنوب لبنان وسبل دعم خطة الطوارئ لتلبية حاجات النازحين من القرى الحدودية والاستجابة لأيّ تطوّرات في حال توسّع رقعة الحرب.
على صعيد آخر، اجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض ومدير منطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه في السراي وجرى خلال الاجتماع البحث في استكمال برنامج البنك الدولي تمويل المشروع المتعلق بالطاقة المتجدّدة وتدعيم أنظمة كهرباء لبنان، والذي يبلغ حوالي 250 مليون دولار لتطوير هذا القطاع كجزء من استراتيجية البنك الدولي للاستثمار في ثلاثة قطاعات أساسيّة، وهي: الطاقة والمياه والرقمنة».
وقال فياض من المتوقع أن تتم المفاوضات بشأن برنامج البنك الدولي الأسبوع المقبل على أن يتم عرضه لاحقاً من قبل وزيري المال والطاقة والبنك الدولي على أن تحوّل بعد ذلك إلى مجلس إدارة البنك الدولي لاعتمادها من قبله أواخر أيلول المقبل. وبعد اعتمادها من قبل البنك تتمّ مناقشتها من قبل الحكومة ومن ثم تحول إلى مجلس النواب لاإبرامها. فالمسار طويل، ولكن نأمل انجازه خلال فصل الخريف المقبل.
وأجرى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب اتصالاً هاتفياً بنظيره الجزائري أحمد عطاف جدّد خلاله شكر الحكومة اللبنانية وتقديرها لمبادرة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون بتزويد لبنان بالفيول لتشغيل محطاته الكهربائية، مشيداً بالتعاون والتنسيق المستمرّ بينهما في الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن القضايا التي تهمّ البلدين. وأكد الوزير عطاف استعداد بلاده للقيام بكل ما يلزم لدعم لبنان في المحافل الدوليّة، ولا سيما في مجلس الأمن.
أما وزير الداخلية بسام المولوي فقال من عين التينة: «وضعنا الرئيس بري في أجواء عمل القوى الأمنية واهتمامها بالمناطق التي يحصل فيها النزوح حيث يجب ان تبقى الدولة وأجهزتها موجودة الى جانب المواطنين الصامدين والنازحين خاصة النازحين الذين أغلبهم ما زالوا في مناطق الجنوب». وتابع «كما وضعنا الرئيس بري، في أجواء عمل البلديات وكيفية القيام بدورها في هذه الظروف الصعبة وفي كيفية قيامنا بالجهد اللازم لتأمين الدعم المطلوب للبلديات عبر الموارد المتعدّدة التي يمكن أن نؤمنها للبلديات لإستمرار القيام في عملها».
إلى ذلك جدّد التيار الوطني الحر تمسّكه بوجوب القيام بكل ما يمكن لإبعاد الحرب عن لبنان وعدم ربطه بحروب إقليميّة، أما إذا أراد العدو مهاجمة لبنان وتوسيع اعتداءاته عليه فلا نقاش بالوقوف الى جانب لبنان واللبنانيين في مواجهة «إسرائيل».
وفي سياق آخر، وجّهت الهيئة السياسية في التيار رسالة صارمة في الشأن الحزبي، مؤكدة مجدداً أن أي نقاش يتم داخل أروقة التيار وليس في المؤتمرات الصحافيّة والمبادرات الاستعراضية والإعلامية التي لا توصل الى نتيجة، ولا يتمّ من خلال التغيب الدائم المتعمد حتى تاريخه عن اجتماعات المجلس والهيئة السياسية في التيار.