بات الوضع الميداني المتدحرج بين إسرائيل و”حزب الله” يضع لبنان برمته في عين اخطار حرب واسعة لم يعد ممكنا تجاهل تعاظم احتمالاتها وطمر الرؤوس بالرمال من خلال الإمعان في استبعادها. واذا كان الوضع الميداني يسجل تسارعا خطيرا نحو مزيد من اتساع المدى الجغرافي للعمليات الحربية المتبادلة بما يترجم تهديد إسرائيل للبنانبصيف حار، فان دخول التحرك الديبلوماسي “الخماسي” مجددا على واجهة المشهد اللبناني تحول غداة صدور بيان السفراء الخمسة عقب اجتماعهم الأخير في السفارة الأميركية الى ما يشبه الإنذار الضمني بان عدم التزام مهلة لتسريع ملء الفراغ الرئاسي سيعني تخبط لبنانبمزيد من التداعيات الاستثنائية في خطورتها لجهة افراغ كرسي لبنان حول أي طاولة محتملة للمفاوضات لاحلال تسوية لحرب الجنوب ربطا بمفاوضات انهاء حرب غزة.
وجاء في افتتاحية”النهار”: بدا واضحا ان التريث غلب على مواقف الكتل النيابية والقوى السياسية حيال بيان سفراء المجموعة الخماسية لتقويم المعطيات التي تقف وراء اصدار هذا البيان قبيل تحديد المواقف منه علما ان أحدا لم يغفل استبعاد أي امكان فعلي لانتخاب رئيس للجمهورية سواء في نهاية أيار او في فترة ابعد . ولكن ذلك لم يحل دون مخاوف ومحاذير بدأت تطل برآسها من خلال توظيف الفريق المعطل للانتخابات الرئاسية وابتزازه المتكرر لموقف السفراء المؤيد للمشاورات لتصوير الامر بانه تبن لموقف فريق وتحديدا لموقف رئيس مجلس النواب نبيه بريو”الثنائي الشيعي” من “الحوار” وتاليا محاولة رمي الكرة في ملعب القوى المعارضة وتحديدا “القوات اللبنانية” بما يعني إعادة اذكاء الانقسام بقوة حيال البيان وتفسيراته .
وتحدثت معلومات عن ان السفراء الخمسة اتفقوا على مقاربة تؤدي الى لم الشمل النيابي اللبناني قدر الامكان وسيترجم هذا الامر بالخطوات الاتية:
– يقوم السفير الفرنسي هيرفي ماغرو بتكليف من السفراء بزيارة بري ووضعه في تفاصيل مع توصلوا اليه للعمل على تحضير الارضية النيابية المطلوبة للمشاورات المنتظرة.
– يقوم السفراء الاربعة الاخرون بالتواصل مع رؤساء الكتل الى النواب المستقلين للهدف نفسه .
وينقل عن بري انه “يأمل ان تلبي الكتل هذا المطلب وتدخل في المشاورات المطلوبة. وعند لحظة تأكده وتيقنه ان الافرقاء المعنيين سيشاركون في المشاورات السياسية المقترحة وغير المفتوحة والتعاطي معها في شكل جدي ، لا يمانع في تحديد جلسة الانتخاب اذا كان يضمن ان تكون منتجة وتلبي المطلوب وان لا تكون على شكل سابقاتها”.
وبحسب مصادر ديبلوماسية أوروبية على اطلاع على تحرك السفراء، فان هؤلاء وصلوا إلى اقتناع بضرورة الانتقال إلى مرحلة الدفع في اتجاه انجاز عملية الانتخاب ولذا تبنى البيان صياغة اكثر حزماً في التعامل مع الاستحقاق. فوضع وان بطريقة ديبلوماسية، مهلة لهذا الاستحقاق، محددا الاسباب المهمة التي تتطلب وجود رئيس للبلاد في المرحلة المقبلة. فإلى جانب التأكيد على “حراجة الوضع وتداعياته الصعبة التدارك، على اقتصاد لبنان واستقراره الاجتماعي بسبب تأخير الإصلاحات الضرورية”، لفت البيان الى انه “لا يمكن لبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحق رئيساً يوحد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية”. اذن، فإن الاستحقاق الداهم بالنسبة إلى سفراء الخماسية لا يقتصر على التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للشغور في موقع الرئاسة، وانما على حفظ موقع لبنان على طاولات المفاوضات المقبلة في شأن الوضع في الجنوب وتطبيق القرار الدولي لمجلس الامن 1701.
وكتبت” نداء الوطن”: غداة الاجتماع الأخير للجنة الخماسية في مقر السفارة الأميركية في عوكر، أبدت مصادر اللجنة بحسب المعلومات، تحفظها عن التوقعات التي أثارها بيان اللجنة لجهة ذكر نهاية أيار الجاري موعداً محتملاً لإجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان. ولم تستبعد أن تتولى فرنسا الاتصالات بإيران لتوسيع مروحة الغطاء الخارجي للاستحقاق الرئاسي.
ووفق المعلومات أيضاً، حرّكت زيارة وفد المعارضة لواشنطن الأجواء الداخلية، فأثمرت في بيان «الخماسية» الأخير دفعاً جديداً للاستحقاق الرئاسي.
وفي هذا السياق، اخذ السفير السعودي وليد البخاري، وبالتنسيق مع «الخماسية» أخذ على عاتقه مهمة تقريب وجهات النظر. وسيتولى مهمة تشاورية جديدة بين ««القوات اللبنانية» والمعارضة من جهة، وبين الثنائي الشيعي.
وذكرت المعلومات أنّ البخاري سيسعى الى اقناع «الثنائي» بالتخلي عن زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية «كخطوة على طريق تقريب وجهات النظر بين الفريقين للاتفاق على مرشح من ضمن لائحة الخيار الثالث، ما يعني دخول سعودي جديد وقوي على خط الأزمة».
وأشارت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» إلى أن بيان اللجنة الخماسية احال تحريك ملف الرئاسة إلى القوى السياسية المحلية التي تقع عليها مسؤولية التشاور قبل جلسات الانتخاب المفتوحة، ورأت أن البيان لم يحمل أي طرح قديم وكان تكرار لهذه المسؤولية ، مؤكدة في الوقت نفسه أن المجال ترك لترتيب المرشحين دون فيتوات على احد.
وقالت هذه المصادر أن الخلاف على مبدأ التشاور لا يزال قائما، كما أن المواقف من التمسك ببعض الأسماء المرشحة لم تتبدل، ولكن ثمة اشارات واضحة إلى دخول أسماء جديدة في المرحلة المقبلة ،لافتة إلى أن هناك استحالة لانتخاب رئيس الجمهورية في نهاية الشهر الحالي، إلا إذا ركن الجميع إلى التشاور في القريب العاجل ووضعت مهلة زمنية لحسم الخلاصة قبل جلسة الانتخاب.
ولفتت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن محاولات جدية تجري بعيداً عن الأضواء للتوصل إلى مخرج يُرضي جميع الأطراف بشأن عقد جولة تشاور وطنيّ بين ممثلي الكتل النيابية في مجلس النواب، على أن تليها دعوة رئيس المجلس نبيه برّي لجلسات نيابية لانتخاب الرئيس في حزيران المقبل.
ولفتت أجواء عين التينة وفق مصادر إعلامية الى أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيدعو إلى جلسات بدورات متتالية، وليس إلى جلسة واحدة بدورات متتالية».
وكتبت السفارة الأميركية على منصة «إكس»: «لا يمكن للبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحقّ رئيساً يوحّد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليميّة وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسيّ مستقبليّ بشأن حدود لبنان الجنوبية».
وأضافت «محادثات سفراء الخماسية أظهرت أن هذه الكتل متفقة على الحاجة الملحّة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وهي مستعدّة للمشاركة في جهد متصل لتحقيق هذه النتيجة، وبعضها مستعدّ لإنجاز ذلك بحلول نهاية شهر أيار 2024. وبالتالي، يرى سفراء دول الخماسيّة أن مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسيّة ضروريّة لإنهاء الجمود السياسي الحالي. وهذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعدّدة حتى انتخاب رئيس جديد. ويدعو سفراء دول الخماسيّة النواب اللبنانيّين إلى المضي قدماً في المشاورات والوفاء بمسؤوليتهم الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية».