كتبت صحيفة “البناء”: بعدما بدا أن الأسبوع المقبل هو أسبوع التفاوض وفقاً للزخم الذي عبّر عنه البيان الرئاسي الموقع من الرئيس الأميركي جو بايدن وأمير قطر تميم بن حمد بن جاسم والرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي، والذي يقول إن هناك اتفاقاً لا ينقصه إلا خطة تنفيذية ويدعو للتفاوض الخميس حولها، يبدو من التسريبات التي نقلتها شبكة سي إن إن وصحيفة معاريف عن مصادر متعددة في الاستخبارات الإسرائيلية أن الأسبوع هو للرد المرتقب من إيران وحزب الله. وقد توقعت المصادر الاستخبارية في الكيان أن يقع ردّ حزب الله اليوم وأن يليه الرد الإيراني بعد ساعات، وفيما لا يظهر حزب الله وإيران وقوى المقاومة أي إشارات يُبنى عليها تقدير موعد للرد، نشر الإعلام الحربي لحزب الله تسجيلات لأفلام تشير الى دقة الرد وقوته وحتميته، بينما بدأت القنوات التلفزيونية الإيرانية تنشر ترويجاً لشعار الانتقام آتٍ لدم إسماعيل هنية.
في مناخ الترقب للمفاوضات الخميس وللردّ قبلها أو بعدها، اتسع حجم التساؤل حول فرص انعقاد المفاوضات، بعدما تكفل بنيامين نتنياهو بتفخيخها عبر الإعلان أن وفده ذاهب للتفاوض حول إطار الاتفاق وبنوده وليس خطة التنفيذ فقط، وهو يواصل عمليات القتل التي حصدت أول أمس مئة شهيد في مجزرة واحدة نتيجة استهداف غارات جويّة لمدرسة التابعين في غزة التي تؤوي آلاف النازحين. ورداً على بيان الدعوة للتفاوض وكلام نتنياهو والمجازر قالت حركة حماس إنها تطالب الوسطاء بوضع خطة تنفيذية لما سبق وأعلنت الحركة الموافقة عليه في الثاني من تموز وهو ما تضمّنته مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن، كما تضمنه بصورة واضحة قرار مجلس الأمن الذي أيّد المبادرة، طالبة من الوسطاء الحصول أولاً على موافقة نتنياهو على الاتفاق ثم البحث بخطة تنفيذه كي لا تتحوّل المفاوضات الى غطاء للمجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين.
ميدانياً، تواصلت العمليات في غزة ومن جبهة جنوب لبنان، بينما شهدت الضفة الغربية عمليات نوعية استهدفت جنود الاحتلال، وجاء بيان أصدره ضباط الميدان الكبار الذي قاتلوا في غزة ليفتح النقاش حول مزاعم رئيس الأركان ورئيس حكومة الاحتلال عن قرب تحقيق النصر. وقال الضباط الكبار في الميدان إنهم من موقع ما شهدوه في الميدان يؤكدون أن الحديث عن نصر قريب لا علاقة له بالواقع، وأن لدى حماس مزيداً من المقاتلين والسلاح، سواء العابر للحدود او الطائرات المسيّرة بأنواعها المختلفة أو المزيد من الأنفاق الاستراتيجية.
تعيش المنطقة سباقاً بين المفاوضات المتوقع أن تستأنف منتصف الشهر الحالي بين الفلسطينيين وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وبين رد محور المقاومة الذي تضاربت الأنباء والمعلومات الأميركية والغربية حول موعد حصوله، فيما لا تزال حالة الرعب والاستنفار تسيطر على كامل مفاصل الكيان الإسرائيلي بانتظار الرد. في موازاة ذلك تعقد اجتماعات رسمية مكثفة على كافة المستويات، وفق ما علمت «البناء» في السراي الحكومي وفي عين التينة لاتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة لمواجهة أي تطورات طارئة في حال توسُّع الحرب بعد رد محور المقاومة على الاغتيالات.
ولفتت أجواء مطلعة على موقف المقاومة لـ«البناء» إلى أن «لا أحد يمكنه التكهن بموعد الردّ وحجمه وطبيعته، وهو رهن الميدان وملك المقاومين واختيار الأهداف الحساسة، لكنه سيكون رداً مؤلماً ورادعاً للعدو الإسرائيلي لمنعه من تكرار عدوانه على الضاحية الجنوبية»، ولفتت الى أن «حالة الرعب والاستنفار التي يعيشها الكيان ومعه الولايات المتحدة الأميركية والقوى الغربية وبعض الدول الإقليمية هو جزء من الرد، لا سيما أن الكيان يتعرّض لخسائر باهظة اقتصادية ومالية وسياسية ومعنوية ونفسية». مضيفة أن الرد سيوازن بين ضرورة حماية معادلة الردع التي فرضتها المقاومة لا سيما العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية والمدنيين، وبين ضرورات المصلحة الوطنية وبما يخدم أهداف طوفان الأقصى واستراتيجية محور المقاومة باستنزاف كيان الاحتلال وجيشه، وأيضاً مساعي وقف إطلاق النار في غزة.
وذكرت شبكة «سي إن إن»، أن «الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن حزب الله سيبدأ هجوماً في 12 آب وبعده بساعات تشن إيران هجوماً»، فيما كشف موقع «أكسيوس» عن مصدرين، أن «هجوم إيران على «إسرائيل» سيكون مباشراً وسيبدأ قبل محادثات صفقة الأسرى المقرّرة في 15 آب». وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، بأن «تقديرات الأجهزة الأمنية تشير إلى أن إيران ستوجّه ضربة أشد من هجوم نيسان الماضي».
ووفق تقرير لـ«يديعوت أحرونوت»، فإن «»إسرائيل» تودّ المباشرة بضربة استباقيّة على إيران أو حزب الله في لبنان، إلا أن ضغوطاً من واشنطن تكبلها، وترفض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بدء حرب إقليميّة بشدة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما يعرّض تل أبيب لأضرار «معنوية ونفسية واقتصادية». ووصفت الصحيفة فترة الانتظار هذه بأنها «مدمّرة ومحبطة لـ«إسرائيل»».
ورجّح خبراء في الشؤون العسكرية والإستراتيجية أن يستهدف «رد حزب الله ومحور المقاومة مجموعة واسعة من القواعد العسكرية الجوية والاستخبارية الإسرائيلية ومصانع أسلحة في شمال فلسطين المحتلة وتل أبيب إضافة الى مراكز عسكرية رسمية ربما وزارة الحرب الإسرائيلية، مع سعي حزب الله لتحييد المدنيين الإسرائيليين لسببين الأول كي لا تستخدمها «إسرائيل» في استعطاف الرأي العام العالمي والأميركي خصوصاً، والثاني كي لا تشكل ذريعة لتوسيع عدوانها على لبنان»، ولفتوا الى أن الرد قد يكون قبل انطلاق جولة المفاوضات في 17 آب وقد يكون بعده، فالأمر خاضع لعدة حسابات ومعطيات. واستبعد الخبراء عبر «البناء» «انزلاق الأمور الى الحرب الشاملة لأسباب عدة أهمها انشغال الأميركيين في الانتخابات الرئاسية، وعدم جهوزية الجيش الإسرائيلي لخوض جبهات عدة ولفترة طويلة في ظل غرقه في مستنقع غزة»، لكن الخبراء توقعوا «جولة تصعيد وضربات أمنية متقابلة بين «إسرائيل» والولايات المتحدة من جهة ومحور المقاومة من جهة أخرى».
من جهته، ذكر جيش الاحتلال أنه «لم يطرأ أي تغيير على تعليمات الجبهة الداخلية في ضوء التقارير التي نشرت بخصوص خطط إيران».
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، أن «الأعداء من إيران وحزب الله يهدّدون بإيذائنا بطرق لم يفعلوها في الماضي»، آملاً «ألا توسِّع إيران وحزب الله الحرب».
على صعيد آخر، وافقت حكومة الاحتلال على مقترح وزير الاتصالات شلومو كرعي، الّذي يقضي بتجديد حظر شبكة «الميادين» الإعلاميّة، ومصادرة المعدّات الخاصّة بها، وحجب مواقع الإنترنت التّابعة لها.
وأثار هذا القرار حملة استنكار واسعة، حيث دان عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية، قرار حكومة العدو الصهيوني ضد «شبكة الميادين الإعلامية» ومنعها المتجدّد من العمل والبثّين المرئي والإلكتروني. ورأى، أنّ القرار هو شكل من أشكال الإرهاب الذي يمارسه العدو الصهيوني، ويندرج في سياق محاولات العدو للتعمية على جرائمه ومجازره الإرهابية، وهي جرائم ضدّ الإنسانية.
وأكد عميد الإعلام، تضامن الحزب القومي مع «شبكة الميادين الإعلامية» ودعا إلى أوسع تضامن معها، لأنها تؤدي رسالتها بمهنية عالية وتعكس الواقع كما هو، والواقع أنّ العدو الصهيوني يرتكب جرائم موصوفة بحق الأطفال والنساء والشيوخ في غزة والضفة وكلّ فلسطين وفي جنوب لبنان.
كما أدان العميد حمية، المجزرة البشعة التي ارتكبها العدو الصهيونيّ بحق الأطفال والمدنيين في «مدرسة التابعين» في حي الدرج داخل قطاع غزة. ورأى أنّ هذه المجزرة التي قارب عدد شهدائها المئة والعشرات من المصابين تشكل تعبيراً واضحاً عن حجم الحقد والغلّ الذي يملأ نفوس المحتلين ساسة وأفراداً.
الى ذلك وبينما واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، كثفت المقاومة ضرباتها ضد مواقع العدو، فاستهدفت مواقع المرج بقذائف المدفعية ونقطة تموضع لجنود العدو في موقع الراهب، وتجمعًا لجنود العدو في محيط موقع بركة ريشا بالأسلحة الصاروخية، وتجمعًا آخر لجنود العدو في محيط ثكنة ميتات بالأسلحة الصاروخيّة، كما استهدفت التجهيزات التجسسية في موقع المالكية بمحلقة انقضاضية وأصابها إصابة مباشرة ما أدى إلى تدميرها.
كذلك استهدف مجاهدو المقاومة موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة وتجهيزاته التجسسية ونقطة تموضع لجنود العدو في موقع المالكية بمحلقة انقضاضية وأصابوها بشكل مباشر.
وافادت وسائل اعلام إسرائيلية بأن سرب مسيّرات كبيراً هاجم الشمال من جنوب لبنان.
ولفتت شبكة «سكاي نيوز» الى استهداف مهبط طائرات شرق صفد بعدة مسيرات هجومية. وذكرت بأن نطاق ضربات حزب الله يتّسع ويصل منطقة جبل الجرمق وبلدات قرب طبريا.
وفي سياق ذلك، أشارت قناة «المنار» الى دوي صافرات الإنذار في أكثر من 30 مستعمرة إسرائيلية في الجليل الغربي والأعلى، وصولاً الى مشارف طبريا شرقاً وفي عمق أكثر من 20 كيلومتراً خشية من عبور مسيّرات من لبنان.
وتحدثت وسائل اعلام اسرائيلية عن سماع دوي انفجارات، واندلاع حرائق بعد هجوم واسع بالطائرات المسيّرة والصواريخ التي أطلقت من لبنان نحو عشرات المستوطنات. ولفتت الى دوي صفارات الإنذار في قاعدة عسكرية قرب بلدة «المغار» بالجليل الأسفل.
في المقابل أعلن مركز عمليّات طوارئ الصّحة العامّة التّابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، «استشهاد شخصين في غارة إسرائيليّة معادية استهدفت بلدة الطيبة».
ومساء أمس، أعلنت وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور، في بيان، بأن «الغارة الّتي نفّذها العدو الإسرائيلي على بلدة معروب/ دردغيا أدّت في حصيلة أوّليّة إلى إصابة 7 أشخاص من التّابعيّة السّوريّة بجروح، حالة أحدهم خطرة؛ وقد توزّعوا على مستشفيات القضاء وإصاباتهم طفيفة».