كتبت صحيفة “البناء”: لم ينتظر بنيامين نتنياهو وقتاً كافياً لـ “تضييع الطاسة”، فبادر فور عودته من واشنطن إلى إصدار الأوامر بتنفيذ عمليتي اغتيال كبيرتين، بعدما أمر من واشنطن باستهداف بلدة مجدل شمس لتبرير عدوانه على لبنان. والعمليتان مدروستان بعناية وربما لا تحتملان التأجيل، فاستهدفت الأولى المبنى الذي يتردّد عليه القائد الكبير في المقاومة فؤاد شكر، وتسببت الغارة بسقوط خمسة شهداء مدنيين وسبعين جريحاً وبدمار كبير في المنازل والمنشآت والسيارات المدنية. ومساء أمس أعلن حزب الله نعي القيادي الكبير في المقاومة فؤاد شكر بعدما تمّ التعرف إلى جثته، وكانت طهران فجر أمس، على موعد مع العملية الثانية حيث استهدف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مقرّ استضافته، واستشهد معه مرافقه، وكشفت ردود الأفعال الأميركية الباهتة والاستعداد لتقديم المساندة التي يحتاجها الكيان في مواجهة أي ردود تورط واشنطن، التي كانت تحذر قيادة الكيان من أي لعب بالنار، تصفه بالتهديد القابل للتحوّل إلى حرب إقليمية لا تجب الاستهانة بوقوعها لأنها خطر على مستقبل “إسرائيل”، بينما ربطت عملية استهداف بيروت بالدفاع عن النفس على خلفية تبني الرواية الإسرائيلية حول صاروخ مجدل شمس اسوة بتبني كل الروايات الإسرائيلية الكاذبة، منذ رواية طوفان الأقصى وقطع رؤوس الأطفال وحرق الجثث إلى رواية قصف المسشتفى المعمداني على لسان الرئيس الأميركي جو بايدن، وهذا لا يشير إلى سذاجة أميركية بل إلى عدم إقامة أي قيمة للحقيقة والاستعداد لتبرير الاصطفاف وراء الكيان ودعمه لمشاركته في تسويق الأكاذيب. وأعلن وزير الدفاع الأميركي جاهزية واشنطن لتقديم المساندة التي يحتاجها جيش الاحتلال في أي مواجهة، ورغم عدم التعليق الأميركي الرسمي على اغتيال هنية، فإن واشنطن التي تصنّفه كما فؤاد شكر إرهابياً، تدرج استهدافه ضمن خطة القضاء على حماس التي تؤيدها، وإضافة الى التبدل في الموقف الأميركي كدليل على شراكة أميركية إسرائيلية في العمليتين، جاءت العملية الأميركية في العراق ضد قوى المقاومة لتوضح ترابط ملف الحرب مع قوى المقاومة دفاعاً عن الكيان والمواجهة بين قوى المقاومة المدعومة من إيران والاحتلال الأميركي في سورية والعراق، وسعي واشنطن للمقايضة بين الحل في غزة وضمان بقاء الاحتلال في سورية والعراق. ولعل كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السابق لكل هذا المسلسل بما فيه صاروخ مجدل شمس، عن تصعيد مقبل إلى المنطقة تأكيد على ربط تفاهمات نتنياهو وبايدن بهذا التصعيد.
الاستعداد للرد هو ما تقوله قوى المقاومة من اليمن الى العراق ولبنان وفلسطين وانتهاء بإيران، التي أعلن مرشدها الإمام علي الخامنئي أن من واجبها الثأر لدماء القائد اسماعيل هنية لأنه كان على أرضها وضيفها، بينما يتحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ويعلن موقف المقاومة بعد تشييع القائد فؤاد شكر، فيما تحدّثت صحيفة النيويورك تايمز عن سيناريوهات للرد تستهدف منشآت عسكرية في محيط تل أبيب وحيفا، عبر عمليات منسقة تشترك فيها إيران واليمن والعراق ولبنان.
زفّ حزب الله القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر (السيد محسن) شهيدًا كبيرًا على طريق القدس، والذي استشهد إثر العدوان «الإسرائيلي» الغادر والغاشم على الضاحية الجنوبية لبيروت – حارة حريك.
ولفت الحزب في بيان النعي الى أنه “بعد مسيرة حافلة كلها إيمان بالله وعهد مع الله، وصدق في هذا الإيمان والعهد وجهاد دؤوب بلا كلل ولا ملل وانتظار طويل للقاء الله تعالى والأحبّة الذين سبقوا من إخوانه القادة والشهداء والاستشهاديين وفي ذروة الشوق لهذا اللقاء، مَنَّ الله تعالى على عبده المجاهد والصادق والمخلص والعاشق بوسام الشهادة الرفيع وأذِنَ له بهذا اللقاء الأبدي في رضوان الله وجواره هو القائد الجهادي الكبير الأخ العزيز والحبيب السيد فؤاد شكر (السيد محسن) الذي نزفه شهيدًا كبيرًا على طريق القدس، تُقَدِّمُهُ مقاومتنا عنوانًا لالتزامها الحاسم وعزمها الراسخ بمواصلة الجهاد حتّى تحرير الأرض والمقدسات والإنسان من ظلم ووحشية هذا الكيان الغاصب والمجرم والقاتل، ورمزًا من رموزها الكبار من صانعي انتصاراتها وقوتها واقتدارها ومن قادة ميادينها الذين ما تركوا الجهاد حتّى النَّفْسِ الأخير.
وكما كان حضوره المباشر في الحياة معنا قوةً مميزة للمقاومة ستكون شهادته العظيمة دفعًا قويًا لإخوانه المجاهدين من أجل المُضِي قُدمًا بثباتِ وشجاعة لحفظ الإنجازات والانتصارات والمقدرات وتحقيق الأهداف والآمال التي كان يتطلع إليها هذا القائد الكبير”.
وأضاف: “هذا بيان تعزيتنا وتبريكنا وأما موقفنا السياسي من هذا الاعتداء الآثِم والجريمة الكُبرى سَيُعَبِّرُ عنه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله “حفظه الله” غدًا (اليوم) في مسيرة تشييع الشهيد القائدِ إن شاء الله”.
ومن المتوقع وفق معلومات “البناء” أن يتحدث السيد نصرالله عن أهمية الشهيد وأدواره المتعددة في المقاومة لا سيما الأمنية منذ الثمانينيات وإنجازاته في كل الجبهات لا سيما في مواجهة العدو الإسرائيلي. كما سيؤكد السيد نصرالله الرد على هذا العدوان الكبير وسقف ومعادلة الرد بعد أن يشير الى خطورة هذا الاستهداف الذي يرتب ثلاثة حسابات الأول ضرب الضاحية والثاني استهداف منطقة سكنيّة واستشهاد مدنيين والثالثة اغتيال القيادي الجهادي الكبير فؤاد شكر ما يعني أن الحساب مفتوح وسيكون كبيراً جداً.
ونشر الإعلام الحربي في المقاومة مشاهد للشهيد شكر.
ويشيّع حزب الله الشهيد اليوم انطلاقاً من مجمع سيد الشهداء (ع)، حيث يتقبّل حزب الله وذوو الشهيد التعازي والتبريكات من الساعة الثالثة حتى الرابعة والنصف.
وتقام مراسم التكريم والوداع وتختتم قبل انطلاق التشييع بكلمة للأمين العام السيد حسن نصر الله.
وأشارت وكالة “فارس” الى مقتل مستشار عسكري إيراني في الغارة التي نفذها الجيش الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية، والتي قتل فيها القيادي شكر.
وأعلن موقع الخارجية الأميركية، “رفع إرشادات السفر الأميركية للبنان إلى المستوى الرابع أو عدم السفر”.
وطلبت من “الأميركيين عدم السفر إلى لبنان بسبب التوترات المتزايدة بين حزب الله وإسرائيل”.
وأعلنت “إن بي سي” عن شركة يونايتد إيرلاينز، “تعليق خدمتنا اليوميّة في تل أبيب لأسباب أمنية”.
وفي وقت سابق، أعلنت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن “شركات طيران أجنبية تلغي رحلاتها إلى “إسرائيل””.
وتحدثت القناة 13 الإسرائيلية، عن “إلغاء شركات الطيران الأميركية وبالبريطانية رحلاتها إلى “إسرائيل” بسبب الوضع الأمني”.
وحاول رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استثمار عملية الاغتيال برفع معنويات جيش الاحتلال ومستوطني الشمال واستعادة جزء من هيبة الردع المتآكلة، حيث قام بزيارة تفقديّة للتمرين الذي يُجريه لواء كفير على الحدود الشماليّة مع فلسطين المحتلة، برفقة قائد المنطقة الشمالية وقائد المنطقة الوسطى وغيرهما من القادة.
في المواقف السياسيّة، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان أنّ استشهاد القائد الجهادي الكبير في حزب الله السيد فؤاد شكر (السيد محسن) جراء العدوان الصهيوني على ضاحية بيروت الجنوبية، لن يضعف المقاومة، بل يزيدها عزماً وإصراراً على مواصلة مسيرة الجهاد دفاعاً عن لبنان وإسناداً لغزة وكل فلسطين.
وقال حردان في بيان: إن غاية كلّ مقاوم هي تحقيق الانتصار أو نيل شرف الشهادة. لكن، دماء الشهداء غالية وعزيزة، وحرارة هذه الدماء تبقى متوهّجة في صراعنا الوجوديّ مع الكيان الصهيوني الغاصب الموغل في إرهابه وإجرامه وعنصريّته.
وأكد حردان، أنّ المقاومة التي تقدّم قادتها شهداء، هي مقاومة ظافرة وعصية على الانكسار، وبشهادة الدم ترسم معادلات النصر مهما كانت التحدّيات.
ورأى أنّ محاولات الهروب إلى الأمام التي ينتهجها العدو الصهيونيّ، باستهدافه قادة المقاومة، لن تكون إلا مزيداً من الوبال على كيانه الغاصب. فالتضحيات الجسام التي بذلها المقاومون، ولا يزالون، ترتفع وتيرتها وتزداد اندفاعتها كلما ارتقى شهيد على طريق التحرير.
في سياق ذلك دان حردان جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) المجاهد إسماعيل هنية، الذي قضى شهيداً نتيجة عملية جبانة نفذها العدو الصهيوني.
وأكد حردان على أن كل المقاومين، والشهيد هنية واحد منهم، عندما اتخذوا قرارهم بالانخراط في العمل المقاوم، كانوا يضعون نصب أعينهم تحقيق النصر أو الشهادة على طريقه، إنقاذاً لفلسطين كلها من الاحتلال والإرهاب والعنصرية.
رسمياً، أكد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عبد الله بوحبيب أن “الضربة الإسرائيلية الأخيرة لضاحية بيروت الجنوبية واغتيال اسماعيل هنية، إضافة الى التطورات الأخيرة في بغداد، تضرب بعرض الحائط مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار في غزة، وتشكل عقبات إضافية للمسار الدبلوماسي والسلمي الذي ينادي به لبنان، تحديداً تنفيذ قرار مجلس الامن ١٧٠١ وكل القرارات الأممية ذات الصلة في المنطقة”.
وأشار بو حبيب في مقابلة على محطة «CNN» الأميركية، إلى أن “توسع رقعة الحرب من جراء الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة أصبح أمراً جدياً، في حال لم تتدارك الولايات المتحدة الأميركية ضرورة العمل الجدي لوقف التصعيد، ووقف إطلاق النار، وتنشيط خطة السلام”.
ووجّه بو حبيب بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، رسالة إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة عبّر من خلالها عن قلق لبنان البالغ إزاء المأساة التي وقعت في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، وعن إدانته لاستهداف المدنيين أينما كانوا. وأشار إلى أن الظروف المحيطة بهذا الحادث المروّع لا تزال غير واضحة.
كما وجّهت بعثة لبنان لدى الاتحاد الأوروبي رسالة رسمية مماثلة إلى الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، وجميع المندوبين الأوروبيين المعتمدين لدى الاتحاد الأوروبي، أعربت فيها عن موقف الدولة اللبنانية من التهديدات الإسرائيلية الأخيرة على خلفية حادث مجدل شمس المأساوي.
وتمّ التأكيد في الرسالتين على أن النيات الحقيقية لـ”إسرائيل” هي إطالة أمد الأعمال العدائية وتصعيدها، واستغلال حادث ملتبس في الجولان السوري المحتل، لشنّ المزيد من الهجمات على لبنان. كما تمّت الإشارة إلى أن الرواية التي تروجها “إسرائيل” تسعى إلى حرف الانتباه عن انتهاكاتها الطويلة الأمد للقانون الدولي وتحديداً في شقه الإنساني، واحتلالها للأراضي العربية، وإجهاض الجهود الحقيقية الرامية إلى تحقيق السلام والعدالة في المنطقة.