ارتفع منسوب التصعيد في كل من غزة، لبنان واليمن تزامنا مع بدء زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى العاصمة الأميركية واشنطن حيث من المقرر ان يلتقي اليوم الرئيس جو بايدن، على ان يلقي غدا خطابا امام الكونغرس يقدم فيه قراءته للحرب الدائرة في قطاع غزة، فضلا عن الحرب بالوكالة الدائرة مع ايران في اكثر من ساحة إقليمية من لبنان الى العراق واليمن. والحال ان الساحة اللبنانية تمر في اكثر الأوقات دقة وخطورة.
فعلى الرغم من كل التطمينات التي يحاول “حزب الله” الترويج لها، فإن خطر الحرب حقيقي، لا بل ان العواصم المعنية بالملف اللبناني مثل باريس وواشنطن تعتبر ان نسبة الخطر مرتفعة للغاية، نظرا لرفض “حزب الله” وفق الحرب التي اشعلها في ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣، فتطورت وبلغت حافة الانفجار الكبير والواسع. والتحضيرات الإسرائيلية لشن حرب قائمة على قدم وساق على مرأى من الاعلام العالمي وكأن تل ابيب تريد ان تغسل يديها من مسؤولية نشوب حرب مدمرة بينها وبين “حزب الله”.
وهدف الحرب التي ستنشب هو تغيير الواقع على الجانب اللبناني من الحدود، بعدما رفض “حزب الله” كل الوساطات الدولية من اجل منع تمدد نيران المواجهة مع إسرائيل، وصممت الأخيرة على تعزيز خيار الحرب مهما كلف الامر، نظرا للتقييم القائل ان الخطر الذي يمثله “حزب الله” من لبنان لا يقل عن الخطر المتأتي من حركة “حماس” إن هي بقيت مسلحة بعدما تنتهي الحرب. والتقييم الإسرائيلي لا يحصر الخطر في بقاء “حزب الله” في حالة جهوزية عسكرية على الحدود كما هو الآن، انما في تمادي ايران في تحريك فصائلها واذرعها في المنطقة. والحزب المذكور في الطليعة.
وقد شكلت الغارات الإسرائيلية الأخيرة على ميناء الحديدية الواقع تحت سيطرة جماعة الحوثي، مؤشرا خطيرا لما يمكن ان يحصل في مرحلة مقبلة من تصادم بين ايران من جهة واسرائيل من جهة أخرى. وخصوصا ان الغارات اعتبرت بمثابة رسالة إسرائيلية في اتجاه ايران مفادها ان الرد على تحريك الفصائل والاذرع يمكنه ان يذهب بعيدا جدا في المدى والعنف، لاسيما ان ضرب ميناء الحديدة على مسافة 1700 كلم يعادل بالمدى أهدافا إيرانية استراتيجية يمكن الوصول اليها في اطار الرد على راس محور “الممانعة” في طهران.
في لبنان ثمة من يرفض ان يرى الصورة كما هي. فالتحضيرات الإسرائيلية لشن الحرب على “حزب الله” مستمرة على جميع الصعد والمستويات. وطبيعة الغارات الإسرائيلية بدأت تتغير لجهة انها بدأت شيئا فشيئا تشمل أهدافا ل “حزب الله” عسكرية – مدنية متداخلة كما تبين خلال الأسبوعين الماضيين. وبالتالي سترتفع الفاتورة بين المدنيين. وسيصبح “حزب الله” مضطرا للمفاضلة بين خيارين، الأول ان يرد على اهداف مدنية إسرائيلية ويخاطر بأن يستدرج الى حرب واسعة. والثاني ان يحافظ على قواعد الاشتباك التي تمسك بها منذ اليوم الأول مخافة الانزلاق الى الحرب فيخسر كثيرا على المستوى المعنوي الذي يهمه كثيرا.
ان المرحلة هي مرحلة خطيرة بالنسبة الىى لبنان. فالإدارة الأميركية تعاني من الضعف والتخبط في ضوء ازمة ترشيح الرئيس جو بايدن، ثم انسحابه من السباق الرئاسي. وكلما ضعفت الإدارة الأميركية، قويت شوكة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو التي ترفض اقاف الحرب في غزة، وتعمل بلا هوادة لتغيير الواقع في لبنان اما بالدبلوماسية او بالحرب. كل ذلك في وقت نسمع فيه كلاما لوزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن ان ايران باتت قادرة على انتاج رأس نووي في مهلة زمنية تتراوح بين اسبوع الى أسبوعين. وهذا جرس انذار كبير ستسمع اصداؤه في الغرب واسرائيل والاقليم.