بموافقة الحكومة على فتح دورة ثانية لمباراة تنسيب ٨٢ تلميذ ضابط لمصلحة الجيش مع الـ ١١٨ الذين نجحوا في المباراة الأولى، ليصار الى إلحاق جميع الناجحين بالكلية الحربية، ينتظر أن يأخذ هذا القرار طريقه إلى التنفيذ بإعلان موعد المباراة وإجرائها تمهيدا لصدور النتائج والالتحاق.
ولا يبدو أن ثمة عقبة قانونية يمكن أن تطرأ على قرار الحكومة التي باتت مرغمة على تسيير شؤون البلاد الضرورية، بحسب عضو المجلس الدستوري سابقاً البروفسور أنطوان مسرّه، الذي أسقط عنها صفة تصريف الأعمال لأنها تتولى مهماتها لفترة وجيزة لا تمتد لأكثر من شهر لتصريف الشؤون الإجرائية البسيطة. وبعد ذلك تصبح في وضع المرغمة على تسيير شؤون البلد وإدارته بصرف النظر عن قانونية قراراتها.
ويقول مسرّه لـ”النهار”: “لقد انتهت مدة تصريف الأعمال. نحن حالياً في حالتي تعليق الدستور وخرقه. هو معلق لعدم التئام مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية، فيما النواب مرغمون على المواظبة تحت قبته حتى انتخاب رئيس، سواء بدعوة إلى جلسة انتخاب أو بغير دعوة. والقول إن الدستور مخترق، أمر جيد نسبياً ويعني اعترافاً به وتطبيقه. ويمكن بعد انتهاء دور هذه الحكومة وانتظام عمل المؤسسات، المراجعة في الإجراءات التي اتخذتها أو تعديلها.
ويقارب مسره مسألة امتناع وزير الدفاع عن توقيع قرار انتساب التلامذة الضباط قانوناً من زاوية “عدم وجود سلطة مطلقة لأي وزير في أي أمر، لأن القانون يحد من هذه السلطة. للوزير حق الاعتراض فحسب وتدوين اعتراضه، ولكن لا يمكنه إلا التقيد بقرار الأكثرية في الحكومة، والأمر نفسه ينطبق على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، إذ لا سلطة مطلقة لأي منهما، وسلطتهما تقيدها سلطة القانون. ما حصل تعطيل ولا علاقة له بمسألة الصلاحية، وأي قرار يتخذه أي مسؤول يجب أن يكون مبَرراً للمصلحة العامة. ما يعني ليس لأحد سلطة مطلقة في أي شيء”.
ويعتبر أن “أي تعطيل ممنوع لأن فلسفة القانون وهدفه تسيير الأمور. وعلى الحكومة إدارة شؤون البلد، ولا يعني ذلك أن كل قرارتها شرعية، لكنها مرغمة على اتخاذها”.
ويُعرّج على نظرة القانون في موضوع استقالة الوزير، ليعلل: “ممنوع على أي وزير أن يستقيل في حكومة تصريف الأعمال، لئلا تكون استقالته تخلّيا عن المسؤولية والواجب abandon de poste . لنفترض أن حريقاً اندلع في وزارة ما، فإن اعتبر أن ليس من مسؤوليته استدعاء رجال الإطفاء، يُلاحَق جزائياً بجناية التخلي عن القيام بواجباته في ظروف قاهرة بإلإبلاغ عن الحريق. ونحن اليوم نعيش وضعاً متأزماً ولا يمكن الوزير أن يترك وظيفته. والأمر نفسه ينطبق على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي”.
ولا يستسيغ التذرع بأننا نعيش ظرفاً استثنائياً، “لأن الاستثنائي يكون أمرا إيجابياً. نحن في وضع الدستور فيه معلق. نحن في دولتين. دولة رسمية رمزية ودولة رديفة، في حين أن سلامة الوطن تكون في ظل القانون الأسمى الذي هو حالياً “على الأرض”. فمن يجب أن يقرر هو الدستور لا المسؤول”.
وفي رأيه أن القرار الحكومي بفتح دورة ثانية لدورة تلامذة ضباط، هو ككل قرار حكومي، قابل للطعن أمام مجلس شورى الدولة. ويستطرد أن “أكثر ما يجري إنما يحصل باسم القانون وتحت ستاره. والمشكلة العميقة هي مع القانونيين لا مع الحقوقيين، فحين نكون أمام أزمة كبيرة وفي حالة حرب، لا نلجأ إلى درسها من خلال مواد في قانون الموظفين”، في إشارة منه إلى الطعن بقانون التمديد للقادة العسكريين. ففي عرفه أن ثمة تراتبية في الحقوق، “وهدف القانون هو العدالة والخير العام والمصلحة العامة، واليوم يتحول إلى وسيلة للتلاعب بالنص، في حين أن حسن النية هو الأساس في كل موضوع قانوني”.
ويضيف أن “القضاء جزء من السلطات الثلات إلى جانب السلطتين الإجرائية والتشريعية المُعَطلتين، وعليه أن يقول إن الشرعية مفقودة، والقضاء ليس “مزبلة” لرمي الأمور عليه. هو يصدر الأحكام ومَن يُنفذها السلطة الإجرائية”
زغيب: في موقعه القانوني
البروفسور رزق زغيب يرى من جهته أن “ما قامت به الحكومة جاء في موقعه القانوني”، وفق كلامه لـ”النهار”. ويعود إلى النص الذي يقضي بصدور قرار حكومي بفتح مباراة. فبعد نجاح ١١٨ متباريا ورفض وزير الدفاع موريس سليم توقيع طلب قائد الجيش العماد جوزف عون بانتساب هؤلاء إلى الكلية الحربية، حصلت تسوية بأن يوقع الوزير سليم هذا القرار شرط فتح دورة ثانية لتنسيب ٨٢ تلميذا جديداً يُختارون مع مراعاة المناصفة”.
ككل قرار إداري، فإن قرار الحكومة قابل للمراجعة أمام مجلس الشورى. ويسأل زغيب عن داعي اللجوء إلى الطعن بهذا القرار ما دام قانونيا، إذ سبقه اقتراح من وزير الدفاع ليصدر مرسوم بدورة جديدة، مشيراً إلى أنه يقتضي على من يلجأ إلى الشورى قانوناً أن تكون لديه صفة ومصلحة لتقديم المراجعة، لجهة أن قرار فتح الدورة يصيبه شخصياً بالضرر.
المصدر : النهار