يُفترض أن تسير عمليات تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة بفروعها الاربعة سريعاً، بعدما انطلقت أمس مع تجاوب عدد مقبول من المصححين للمشاركة، ويُنتظر أن يُستكمل توزيع الاساتذة على المراكز المعتمدة، لإصدار النتائج في وقت قريب.
وكانت أنجزت وزارة التربية الإثنين الماضي توزيع المسابقات على المراكز في المحافظات، بعد الانتهاء من الفرز ووضع الأرقام الوهمية على المسابقات التي نُقلت عشوائياً إلى المحافظات، إضافة إلى وضع لجان المواد أسس التصحيح.
العقبة الأساسية التي أخرت البدء بعمليات التصحيح، هي مطالبة المعلمين ببدلات بالدولار الأميركي لأجور المشاركة بالتصحيح، علماً أن التربية قد ضاعفت ثلاث مرات بدلات المشاركة بالعملة اللبنانية، لكن لم يحسم حتى الآن القسم المتعلق بالدولار، إن كان لناحية زيادته أو إعتماد الجدول المقر خلال العام الماضي.
أعمال تصحيح المسابقات انطلقت في كل الأحوال مع توجه عدد من المعلمين للمباشرة بها بعد اكتمال جاهزية المراكز وتوفر المكننة فيها، إذ لا يمكن التأخر أكثر بعد انجاز المرحلة الصعبة وهي إجراء الامتحانات، وبالتالي عدم تكرار التجربة السابقة في العام 2014 التي أدت المقاطعة حينها طلباً لسلسلة الرواتب إلى منح إفادات للمرشحين الذين تقدموا إلى الامتحانات وذلك على الرغم من الظروف المختلفة اليوم في ظل الاضطرابات الأمنية واستمرار المواجهات في الجنوب.
ليست المشكلة المالية وحدها التي تقف عائقاً أمام انجاز أعمال التصحيح، إذ أن التقديمات التي تُمنح للمعلمين بمن فيهم المتعاقدين، تتجاوز ما يُمنح لسائر موظفي الإدارة العامة، على الرغم من أنها غير كافية في ظل الأزمة الأقتصادية والمالية في البلاد، ولا تُقارن بالرواتب السابقة قبل الانهيار، خصوصاً وأن مجلس الوزراء وافق أخيراً على طلب وزير التربية عباس الحلبي بمنح الحوافز المالية لجميع الأساتذة خلال فصل الصيف. لا يعني ذلك أن الحوافز تشكل بديلاً عن أجور التصحيح، لكنها تغطي جزءاً مهماً من التقديمات، فإذا قاطع البعض تحت عنوان المطالبة بدفع أجور مرتفعة بالدولار حصراً، شرطاً للمشاركة، يؤكدون بذلك امتناعهم عن المشاركة أو يرفعون مطالب تعجيزية لتطيير انجاز الامتحانات.
أُجريت الامتحانات للشهادة الثانوية في ظروف استثنائية، وذلك بعد جدل كاد أن يطيح بها، لكن مجرد الاصرار على إجرائها بتخطي الصعوبات والمعوقات يعتبر إنجازاً ينبغي أن يُستكمل بالتصحيح وإصدار النتائج، وهي مهمة ليست على عاتق التربية فحسب بل تعني كل مكوّناتها للحفاظ على المسار التعليمي ومستوى الشهادة الرسمية وسمعتها. وإذا كانت الأوضاع غير الطبيعية في البلاد والسجالات التي رافقت الاستعدادات للامتحانات وأدت إلى اعتماد مواد اختيارية ضمن البرنامج الموحد للاستحقاق إضافة إلى التوصيف الجديد الذي صدر قبل أسبوع من الامتحانات قد اربكت اللجان الفاحصة ومديريات التربية المعنية، ومنها التأخر في وضع أسس التصحيح، إلا أن ذلك لا يمنع المعلمين تحديداً وهم المعنيين بالتصحيح من تحمل المسؤولية وملاقاة التربية لاستكمال الانجاز واصدار النتائج، حتى لو كانت الاسئلة الاختيارية تزيد من معدل العمل في أعمال التصحيح فضلاً عن الإشراف والتدقيق وأعمال المكننة وكل مكملات العملية. ولا أعذار أمام أحد من المشاركة لانجاز تصحيح مسابقات نحو 24 ألف تلميذ وتلميذة بعد تجهيز المراكز بكل المستلزمات المطلوبة، ونقلها إلى المركز الرئيسي في بئر حسن لانجاز المحطة الاخيرة بفتح المسابقات وادخال الأرقام الحقيقية ثم إصدار النتائج لجميع المرشحين.
ومهما تكن الظروف الاستثنائية وما هو مطلوب من التربية، وما يمر به الأساتذة نتيجة الأزمة المالية والمعيشية، فلا جدوى للمقاطعة، ولا ينبغي التفريط بعبور الامتحانات إلى مسارها النهائي أي التصحيح وإصدار النتائج وهي مسؤولية لا تقف فقط عند وزارة الوصاية بل تطال الجميع.