كتبت صحيفة الديار تقول: لا تزال عملية شد الحبال بين حركة حماس و«اسرائيل» في أوجها ، مع ترقب ان يتحدد مصير الجولة الجديدة من المفاوضات هذا الاسبوع. فبعد الخرق الذي احدثته الحركة بتجاوبها مع النقاش بملف الاسرى قبل وقف النار الدائم في القطاع، ما ادى الى احراج العدو الاسرائيلي وحشره بالزاوية، يُنتظر ان تصل اجوبة من «تل ابيب» خلال ساعات تحسم التوجه العام للامور.
في هذا الوقت، واصل حزب الله ردوده الكبيرة والمدروسة على العمليات «الاسرائيلية»، التي استهدفت يوم السبت منطقة البقاع مجددا، فردت المقاومة باستهداف قاعدة تخزين ذخائر قرب طبريا، وهو ما اعتبرته وسائل إعلام «إسرائيلية» إنه أعمق قصف حتى الآن ينفذه حزب الله، باعتباره ناهز الـ60 كيلومتراً.
الكرة في ملعب «اسرائيل»
ويوم امس، اعلن قيادي في حركة حماس لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الحركة وافقت أن تنطلق المفاوضات حول الاسرى، من دون وقف إطلاق نار دائم»، فيما قال مسؤولان آخران في الحركة انها «تنتظر ردا «إسرائيليا» على اقتراحها لوقف إطلاق النار»، وذلك بعد خمسة أيام من قبولها لجزء رئيسي من خطة أميركية، تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر في قطاع غزة. واوضح أحد مسؤولَي حماس لـ «رويترز» طالبا عدم نشر اسمه، «تركنا ردنا مع الوسطاء، وننتظر سماع رد الاحتلال».
وأفاد مسؤول فلسطيني آخر مطلع على المداولات الجارية بشأن وقف إطلاق النار، بأن هناك محادثات مع «إسرائيل» عبر وسطاء قطريين. واردف المسؤول: «ناقشوهم في رد حماس ووعدوهم برد خلال أيام».
من جهتها، أعلنت القناة 13 «الإسرائيلية» إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يفترض ان يكون قد اجرى مساء الاحد، «مشاورات محدودة» مع مسؤولين أمنيين بشأن مقترح تبادل الأسرى مع حماس. كما نقلت القناة عن الرئيس إسحاق هرتسوغ قوله إن الأغلبية المطلقة من «الإسرائيليين» تؤيد صفقة تبادل للأسرى، وإن «إسرائيل» ملتزمة بإعادتهم.
في وقت احتشد فيه آلاف «الإسرائيليين» في تظاهرات تطالب بإبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس وإقالة حكومة بنيامين نتنياهو، وشملت تلك التظاهرات مفارق عشرات الطرق في مناطق عدية في «إسرائيل» في ما سمي بيوم الشلل الكبير.
هدية لبايدن؟
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات الحاصلة لـ «الديار» ان «الخشية هي من ان يعود العدو الى منطق المراوغة، لافشال الجولة الجديدة من المفاوضات»، لافتة الى انه «رغم الضغوط الاميركية الكبيرة التي تمارس عليه، لا نعتقد ان نتنياهو رغم وضعه الداخلي المأزوم، قد يسارع الى تقدمة هدايا مجانية للرئيس الاميركي جو بايدن، الذي يبدو مستقتلا على هدنة تنقذه من المستنقع الذي يتخبط فيه».
واضافت المصادر: «التعويل هو على زيادة الضغوط «الاسرائيلية» الداخلية على نتنياهو، والتي بلغت مؤخرا مستويات غير مسبوقة، وبخاصة تلك التي يمارسها الجيش المنهك على الحكومة، لاقتناعه بأن ما يحصل في غزة محرقة بالنسبة اليه، وان هدف القضاء على حماس لا يمكن ان يتحقق».
جبهة لبنان
وبمسعى لزيادة الضغوط على حزب الله، شدد وزير الدفاع «الإسرائيلي» يوآف غالانت على انه «إذا وصلنا إلى تسوية لعودة المختطفين، فهذا لا يُلزمنا بوقف إطلاق النار مع حزب الله، ونحن نعمل على تقليل قدرات العدو على العمل، وهذا ما نفعله على كل الجبهات».
وقال غالانت يوم امس في تصريح له من الحدود الشمالية: «قتلنا نحو 450 عنصرا من حزب الله في جنوب لبنان وهذا أمر مهم جدا، كما اننا قتلنا 15 من قادة الألوية وثلاثة من قادة الفرق من الحزب»، واضاف: «عدونا لا يفهم سوى لغة القوة سواء في غزة أو لبنان، وعلينا مواصلة الاستعداد على الحدود الشمالية مع لبنان».
وتستبعد مصادر رسمية لبنانية ان يستمر العدو الاسرائيلي في القتال على جبهة لبنان، في حال تم التوصل الى هدنة في غزة، «وبخاصة ان موقف حزب الله في هذا المجال واضح ومحسوم، ويقول ان وقف الحرب في القطاع سيعني تلقائيا توقفه عن اطلاق النار من جبهة جنوب لبنان».
وتضيف المصادر: «المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين سيصل بعد ساعات معدودة من اعلان وقف النار في غزة، كي يحرص على ان ينسحب ذلك ايضا على لبنان، وكي ينتهي من وضع اللمسات الاخيرة على مسودة تفاهم لاعادة الاستقرار الى منطقة الجنوب».
احتدام المواجهات
ميدانيا، شهدت الجبهة اللبنانية يوم امس احتدام المواجهات. فأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن 10 فرق إطفاء و6 طائرات عملت بمنطقة الجليل الأدنى، لإهماد حرائق نتيجة صواريخ أطلقت من لبنان، فيما اعلن حزب الله استهداف مقر وحدة المراقبة الجوية وإدارة العمليات الجوية في قاعدة ميرون في جبل الجرمق بعشرات صواريخ الكاتيوشا واصابته بشكلٍ مباشر، مما أدى الى تدمير جزءٍ من تجهيزاته واندلاع حرائق في داخله.
كذلك بلغت صواريخ الحزب قاعدة نيمرا (إحدى القواعد الرئيسية في المنطقة الشمالية) غرب طبريا، والتجهيزات التجسسية في موقع الراهب، اضافة الى موقع البغدادي وموقع بياض بليدا.
كما اعلن حزب الله انه بعد رصدٍ ومتابعة لحركة جنود العدو الإسرائيلي في موقع بركة ريشا، وعند وصولهم إلى الدشم المحددة في نقطة المقتل، استهدفهم المجاهدون بالصواريخ الموجهة، ما ادى الى اصابتهم بشكلٍ مباشر ووقوعهم بين قتيل وجريح.
بالمقابل، كثّف الطيران الحربي المعادي خروقاته لجدار الصوت على دفعات فوق مناطق الجنوب، وصولا الى اقليم الخروب. كما شنّ الطيران المسير غارة استهدفت منزلاً داخل بستان في منطقة ضهر السيد في بلدة معروب قضاء صور، واستهدفت غاراته ايضا عيتا الشعب والناقورة.
وكانت وسائل إعلامٍ «إسرائيلية» تحدثت امس الأحد، عن سقوط صواريخ داخل مستوطنات «إسرائيلية» لا سيما في طبريا.
في المقابل، تحدثت تقارير أخرى عن إصابة «إسرائيلي» بجروحٍ خطرة في بلدة كفار زيتيم، جراء الرشقات الصاروخية التي جاءت من لبنان.
مبادرة معارضة جديدة
سياسيا، علمت «الديار» ان قوى المعارضة تستعد خلال ساعات لاطلاق ما يشبه المبادرة الرئاسية الجديدة، بهدف ابقاء الملف الرئاسي حيا، وتقديم الاثباتات المباشرة لـ «الجنة الخماسية» بخصوص من يعطّل فعليا الاستحقاق الرئاسي ويمنع انتخاب رئيس.
ولفتت يوم امس المواقف التي ادلى بها المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، بحيث توجه «للإخوة المسيحيين الأحبة في لبنان»، قائلا: «نحن عائلةٌ لبنانية خبزُها محبةُ المسيح ورحمةُ محمد، والكنيسةُ جارة المسجد، ووهب المسيحي عنوانُ المثال التاريخي للفداء الممزوج بدماء الامام الحسين، ولن نفرّط بالمسيحية وثقلِ وجودها وشركة العمر التاريخية بيننا». واضاف: «قناعتُنا أن لبنان لا يقوم إلا بالمسلم والمسيحي، وبرأينا لا بدّ من تسوية رئاسية تعكس شركَتَنا التوافقية، بعيداً عن منطق «غالب ومغلوب»، «وأكثرية وأقلية»، لأن هذا البلد يعيش بالمحبة والإلفة لا بالغَلَبة والاستئثار، والحذر الحذر من كمائن واشنطن وأبواق فتنتها».