ستعلن بكركي وثيقتها التي حملت عنوان «المسيحيون في لبنان إلى أين؟» في غضون أسبوع أو عشرة أيام، وقد تضمّنت عدّة بنود تقارب موضوعات الساعة من الحرب في الجنوب وسلاح ««حزب الله» إلى ملف النازحين السوريين وقضايا الفساد والفراغ في الادارة، وقبل ذلك والأهم الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية والواقع المسيحي الراهن وحال التشرذم التي يعانيها. نقاشات حامية وعميقة شهدتها اجتماعات ممثلي الأحزاب المسيحية التي شاركت فيها باستثناء «تيار المرده».
وكتبت غادة حلاوي في”نداء الوطن”:
أنهت الأحزاب مناقشة النسخة النهائية التي صيغت بعد إضفاء تعديلات جوهرية على بندَيْ السلاح والحرب في الجنوب. منذ بدء النقاش اصطدم بند السلاح بمعارضة شديدة من أحزاب طالبت بموقف حاسم من السلاح. واتسمت النقاشات بالحماوة، خاصة بين «القوات» و »»التيار الوطني الحر» حول وضعية ««حزب الله» وقرار السلم والحرب وسلاحه الذي يفترض أن يكون في يد الدولة حصرياً، وكيف أنّ حربه الحالية تجرّ على البلد الويلات التي لا يقدر لبنان على تحمل تداعياتها العالية.
خلال لقاء جمعهما لم تخفِ بكركي لوفد ««حزب الله» أنّ بند السلاح ورد في الوثيقة كبند من البنود، وأنّ موقف بكركي بات معلوماً، وتعتبر أنّ شباب ««حزب الله» هم شباب لبنان مأسوف على خسارتهم، ولا يمكن لأي فرد أن يكون مرتاحاً وهو يرى أبناء وطنه يموتون بهذه الأعداد، فكان ردّ ««حزب الله» بتفهم الموقف، ولكنه من وجهة نظره هناك ضريبة من أجل الوطن لا بدّ من أن تدفع في سبيله.
في حوار مع عدد من الصحافيين أبدى المطران أنطوان بو نجم امتعاضه من تسريب مسوَّدتي الوثيقة إلى الإعلام بما أضرّ بسير النقاشات حسب رأيه، ففضّل عدم الإستفاضة في شرح ما تضمّنته الصيغة النهائية للورقة الوثيقة، مكتفياً بسرد العناوين العريضة، وموضحاً أنّها وإن كانت انطلقت من بحث بين الأحزاب المسيحية إلا أنّ الغاية تحويلها وثيقة وطنية تحظى بإجماع وطني لتكون ركيزة للتفاهم. وكشف أنّ رسالة وجّهت إلى الأحزاب المسيحية في شأن هذه الورقة عبر البريد الالكتروني، كلها تجاوبت وأرسلت ردّها باستثناء «تيار المرده» الذي فضل عدم تقديم ملاحظاته، لأنه من الأساس لم يشعر بأنّه معني بالوثيقة ونقاشاتها. وسبق أن أرسلت بكركي رسالة إلى رئيس «التيار» سليمان فرنجية بواسطة نجله النائب طوني فرنجية عن فحوى الوثيقة والغاية منها، ولم تلقَ الردّ المرجو. منطق الأمور يقول إنّ سليمان فرنجية لا يجد نفسه مضطراً لأي اصطفاف في مقاربة جديدة لسلاح ««حزب الله» الذي يرشحه لرئاسة الجمهورية.
وكان البطريرك الراعي أبدى حرصه خلال المناقشات على استخدام تعابير مرنة في الوثيقة وتعديل ما من شأنه أن يكون موضع خلاف أو يثير حساسيات سياسية مع فئة من الفئات. ليست الوثيقة إلا البداية، وقد أكد بو نجم أنّ بكركي لن تيأس أو تتوقف عن السعي في سبيل وجود قواسم مشتركة يلتقي عليها اللبنانيون، وأنّ لبنان وطن نهائي يستأهل الدفاع عنه وصونه والعمل على إنقاذه. وكان تأكيد على أنّ الكنيسة لا تتدخل في الشأن السياسي وأنّ غاية خطوتها التلاقي بين أبناء الوطن لإنقاذ البلد والتشجيع على مبدأ الحوار بين أبنائه.
وبصرف النظر عما قاله بو نجم عن الأجواء الإيجابية التي حرص على تعميمها، فلا تزال أمام الورقة مراحل من المناقشة على مستوى الصف الأول من القيادات، ومع البطريرك الراعي الذي سيطلقها كورقة حوار بين اللبنانيين. بعض المراقبين داخل البيت المسيحي فضّل عدم الإسراف في التفاؤل، إذ ليس كل ما قيل ويقال يلامس واقع الحال.