وطنية – طرابلس – عقد في طرابلس، المؤتمر السابع والاربعون لاتحاد الاطباء العرب بدعوة من نقابة الاطباء في طرابلس، برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ضمن فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربية، بمشاركة وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الابيض ممثلا الرئيس ميقاتي، وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، النواب: طه ناجي، أشرف ريفي، أديب عبد المسيح ومحمد يحيى، مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق امام، المطران افرام كرياكوس ونقباء الاطباء محمد نديم صافي واطباء الاسنان ناظم الحفار والمهندسين شوقي فتفت والمحامين سامي الحسن.
كما حضر الدكتور ايلي فرنجية ممثلا النائب طوني فرنجية، دورين عبود ممثلة النائب جميل عبود، الشيخ محسن عبد الكريم ممثلا المجلس الاسلامي العلوي، المونسنيور ماريو ماضي ممثلا المطران يوسف سويف، الامين العام لاتحاد الاطباء العرب الدكتور اسامة رسلان، والدكتور يوسف الاسعد ممثلا سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور .
في البداية وقف المشاركون والحضور دقيقة صمت حدادا وتحية لشهداء غزة والجنوب ثم النشيد الوطني اللبناني فنشيد جامعة بيروت العربية
ثم تحدث الدكتور أحمد البوش مرحبا، وشدد على “بناء مستقبل ابنائنا”، لافتا الى “قرار إقامة المؤتمر رغم الظروف الصعبة، لتكون المشاركة العربية الداعمة رسالة باننا متضامنون في سبيل قضية واحدة رافضة للظلم”، شاكرا لرئيس الحكومة دعمه ومتابعته ومساهمته”.
صافي
رحب النقيب محمد صافي بالاطباء العرب في عاصمة الثقافة العربية، لافتا الى ان “الاحتفال بإعلانها تخلله حدث مشاركة دولة فلسطين وتوقيع توامة مع مدينة القدس”، مشيرا الى أن “تاريخ منطقتنا الحديث، ومعاناته مع فساد عصابة صهيونية، لا تعترف بشرعة إنسانية ولا دينية بتغطية من مجموعة دول راعية، والى ان العصابة تستمر في توسيع شرها وتعميق المشاكل في دولنا جهلا ومرضا وفقرا، وان المطلوب من النخب العربية الوعي وعلى رأسهم الاطباء العرب وهم في الصفوف الاولى وينتشرون في بقاع مجتمعنا العربي، يحفظون الأمن الصحي في بلادنا وقد استشهد جزء منهم في مواجهة كورونا”.
وشدد على “مواجهة ناشري الجهل الذين يعملون من خلال تيارات تدعم من الخارج وتنشر التفرقة وتبث الاشاعات وتسطو على الاملاك العامة وتسرق الأملاك الخاصة”.
وحذر من “مشاريع التقسيم”، مطالبا “بتحسين واقع الطبقات الفقيرة”، معتبرا ان “شعوبنا تتوق الى تحرير فلسطين عسا ان يلتئم اجتماعنا المقبل فيها”. و حيا “غزة والجنوب والشهداء الذين سقطوا في مواجهة العدو، واستشهد بكلام للوزير مرتضى الذي يرى الحل بعودتين عودة الفلسطينيين وعودة الصهاينة الى حيث اتوا”.
وأشار الى ان “المؤتمر يناقش مسألة الإدمان على المخدرات كآفة خطرة في مجتمعاتنا”.
شعراني
بدوره، رحب مدير جامعة بيروت العربية في طرابلس الدكتور هاني شعراني بالحاضرين في فرع الجامعة في طرابلس “كحدث جريء ويحمل أهمية كبيرة على مستوى تعزيز البحث العلمي الطبي، وتوفير فرص تواصل وتبادل طبي، وتعزيز مكانة طرابلس كمركز مهم في المجتمع الطبي الدولي”.
وأشار الى “دور الاطباء الابطال الحقيقيين في خدمة الانسان”، لافتا الى “ما عاناه القطاع في مواجهة كورونا، مما جعل من الصعب على المستشفيات العمل وحيث استجاب الاطباء والممرضات لضمان حصول المريض على العناية”. كما لفت الى “تحديات اطباء فلسطين تحت الاحتلال جراء اعتداءات وظروف عمل وانهم يستمرون رغم ذلك في سياق تضحيات تعكس قوة عزيمتهم”، موجها لهم تحية يستحقونها والتقدير”، عارضا لتحديات الاطباء في منطقتنا”.
وأكد “العمل لدعم نقابات لبنان لما فيه مصلحة المجتمع”، متوقفا عند ما قدمته الجامعة من فعاليات ومؤتمرات ولقاءات وفتح اختصاصات جديدة.
وشكر المشاركين في المؤتمر وخص نقابة الاطباء، متمنيا لكل طبيبة وطبيب ولكل عامل في القطاع الصحي النجاح.
رسلان
وبعد عرض فيلم وثائقي عن اتحاد الاطباء العرب، تحدث الأمين العام لاتحاد الاطباء العرب أسامة رسلان، فرحب بالحضور، شاكرا رعاية رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وشكر الضيافة اللبنانية، مؤكدا ان “الاتحاد يفتح يديه وصدره لكل تعاون، شاكرا الدعوة للمشاركة في هذا الملتقى، منوها بطرابلس كجزء لا يتجزا من الاتحاد”.
وأكد ان “القدس الشريف يبقى المقر الدائم للاتحاد وباقي المقار موقتة”، متطلعا الى عودة حتمية، متمنيا النصر لاهل غزة.
المرتضى
وقال الوزير المرتضى: “السلام لكم وعليكم، والسلام موصولٌ لأغلى الغوالي فلسطين، ولجنوبنا العزيز الأبيّ، وللشهداء المقاومين منهم والأطبّاء”.
أضاف: “أيها الأخوة الكرام، لعلَّ الاتحاداتِ العربيةَ للمهن الحرة من أطباء ومحامين ومهندسين وسواهم، هي اليوم من المؤسسات القلائل، إن لم تكن الوحيدة، التي لا تزال تعبِّرُ تعبيرًا حيًّا صادقًا عن التضامن العربي. ففي الوقت الذي تحملُ السياسةُ عندَنا كلَّ دولةٍ في بلادِ العرب إلى ان تتلمّس، من منظورها الخاص، مصالحِها الوطنية الداخلية، وتقديمِها على المصالحِ القومية المشتركة، لا تزال هذه الاتحادات تجسِّدُ التطلعاتِ الموحَّدة والموحِّدة، وتحملُ الهموم المشتركةَ بين جميع النقابات والأقطار المنضوية فيها، سِيَّانِ أكانت همومًا مهنيّةً أم وطنيّةً أم قوميّةً أم حتى إنسانيّةً على مستوى العالم”.
تابع: “والأمانة تقتضي القول إن المجتمعات العربية بشعوبِها أظهرت في الأشهر القليلة الماضية أنها ما برحت على صوتِ رجلٍ واحد فيما خص القضية المركزية، فلسطين، بإزاء حرب الإبادة التي تتعرض لها، فالجرح الفلسطيني لا يزال ينزف في كل ضمير عربي وفي كل وجدان حر على امتداد هذا الكون. هكذا، أنتم هنا يا أطباءَ العرب، لتفحصوا أيضًا نزيفَ جرح فلسطين وجراح سائر أوطاننا. الشأن المهني والعلمي، هو حتمًا مدارُ بحثكم في هذا المؤتمر، ولكنَّ من عادةِ المثقفين أمثالِكم أن يلتفتوا على الدوام إلى قضايا القيم، من حرية وعدالة وسيادة وطنية وقومية، فتلك إذا غابت عن الدول والمجتمعات خلَّفَت فيها أمراضًا جديرةً بالعلاج، وأنتم أهلٌ لها، تبذلون العمرَ حتى الشهادةِ في سبيل الشِفاءِ. “ونحن في الجرحِ والآلامِ إخوانُ”.
وقال: “يحضرُني هنا في هذا الخصوص، أن الأطباءَ مشاريعُ شهادةٍ قبل سواهم من أصحاب المهن. ذلك أنهم معرضون دائمًا للخطر بشكلٍ يومي، وخصوصًا في زمن الحروب، حيث يأوي الناس إلى مخابئهم ما خلا المقاومين والأطباء، الذين تزدادُ الأعباءُ عليهم كما حدث بالأمسِ في فلسطين، حيث قضى المئات من الأطباء والمسعفين شهداء على أيدي المجازر والإبادات. فالطبيب الشهيد ليس تمثالًا أو نصبًا، بل مقاوم قدم ذاته من أجل الحقيقة كي تعاش كل يوم، وهو السبيلُ إلى معجزةِ حياةٍ تتفوَّقُ على الموت، فمن حقِّها أن يُعلَنَ عنها ويُحتفَلَ بها، كما سيحدثُ بعد قليل”.
ختم: “أيها الأصدقاء، يا أهلَ العروبة من الماءِ إلى الماء. طرابلس عاصمةُ الثقافة العربية لعام 2024، والعاصمة الدائمة للثقافة في لبنان واحدةٌ من المدن التي تعاني أكثرَ ما تعاني، من صورةٍ إعلاميةٍ راجت عنها من غير حق. لا شكَّ في أنها بحاجةٍ إلى تنميةٍ حقيقية، لكن اللبنانيين أجمعين يعرفون المقدِّراتِ التي تحتويها، من بشريةٍ ومادية، والتي تستطيع، إذا فُعِّلَت، أن تنقذَ لبنان كلَّه من أزمتِه الاقتصادية الخانقة. والأهم الأهم الذي تختزنه طرابلس، هو ثروةُ القيم الوطنية التي تتميزُ بها، لا لجهة تجسيد حقيقة العيش الواحد بين أبنائها على اختلاف انتماءاتِهم فحسب، بل لجهة حسنِ إدارةِ التنوع الذي فيها بصورةٍ تزيدُ هذا العيشَ متانةً وتألّقًا، كما هو الحال في نقابات المهن الحرة في هذه المدينة ومنها بالطبع نقابة الأطباء، حتى ليصدقُ فيها قولُ أمير الشعراء: الأرضُ دار ٌ لها الفيحاءُ بستانُ، فأهلًا وسهلًا بكم في طرابلس، تستظلون أرزَ لبنان، وتحتضنكم قلوبُ أبنائه الفيحاء. والسلام”.
الأبيض
وكانت كلمة للوزير الأبيض قال فيها: “انه لشرف لي ان أمثل دولة رئيس مجلس الوزراء، الأستاذ نجيب ميقاتي، وأرحب بكم في طرابلس، عاصمة الثقافة العربية لعام 2024. وإنها لسعادة كبيرة أن نجتمع هنا في هذه المدينة التاريخية، منارة التراث والثقافة، لنحتفل ليس فقط بماضيها الغني ولكن أيضاً بمستقبلها الواعد بإذن الله. وأوجه ترحيبًا خاصًا بجميع ضيوفنا المميزين، وخصوصاً الأطباء الكرام الذين يشكلون مستقبل الرعاية الصحية في العالم العربي بتفانيهم وخبرتهم. نقف اليوم كعاملين صحيين عند مفترق طرق، حيث تواجه مهنة الطب تحديات هائلة”.
أضاف: “إن التقدم السريع في التكنولوجيا والعلوم الطبية يفرض علينا التأكد من أن نظمنا الصحية قادرة على مواكبة هذه التطورات باكلافها العالية، من غير ان نستبعد أي فرد من أفراد المجتمع، وخاصة من الشرائح الهشة. وفي عصر الكورونا والكوليرا والاوبئة العابرة للحدود، لم يعد من أدنى شك حول مدى ترابط الأمن الصحي وحتمية العمل المشترك والتعاون بين أبناء ومكونات بلداننا. كما أن الاستقرار والتقدم مستحيلان من غير تحقيق العدالة في التنمية والوصول إلى الخدمات الطبية، بحيث يستفيد الجميع من التقدم، وليس فقط قلة محظية”.
تابع: “لبنان، وطننا الحبيب، ايضا يمر بمرحلة حرجة. فالتحديات الصحية، والاقتصادية والسياسية، والعدوان الاسرائيلي، كلها عوامل تتضافر لتهدد نسيج مجتمعنا. وهذا ايضا ما يشهده عالمنا العربي في زمن غطرسة القوة، وغياب الرؤية الوحدوية الجامعة، وغلبة ثقافة الغلو والتخوين على ثقافة الاعتدال و حسن ادارة الاختلاف. والسؤال الكبير هو: هل يواجه العالم العربي هذه التحديات متحدًا أم متفرقًا؟ فكم نحن بحاجة إلى توحيد الجهود والتعاون بشكل أعمق لمواجهة التحديات المشتركة، ومنها التحديات الصحية، التي تعصف ببلداننا. ولعل الثقافة تلعب دورًا حاسمًا في هذا السياق، فهي الجسر الذي يربط ماضينا بحاضرنا ويضيء طريقنا نحو المستقبل. فنحن لسنا أول مجتمع يواجه الصعوبات، وان تاريخنا مليئ بآثار تحديات سابقة، تجدونها منتشرة في ارجاء هذه المدينة العريقة، وفي ربوع هذا الوطن. لكن مجابهة التحديات تتطلب المقاربة السليمة التي تستند إلى ثقافة فيها الكثير من التفكير العلمي السليم، الموضوعي، المدعم بالأدلة، ترفده أخلاقيات رفيعة، وحس مع الآخر، وهم جماعي، وإدراك لمدى الترابط بين أفراد المجتمع، واهمية كل ذلك في بناء الأمم والشعوب على أسس سليمة، مع همة عالية، وإرادة وعزيمة في وجه المخاطر، واستعداد للتضحية إذا لزم من اجل الآخرين، وكل هذا ما ميز ويميز مهنتكم زملائي الكرام. فالطبيب يلعب دورًا رئيسيًا كأحد أهم مثقفي المجتمع. ودوره لا يقتصر فقط على تقديم الرعاية الصحية، بل يمتد ليشمل توجيه المجتمع نحو التفكير النقدي والحكمة في مواجهة التحديات. والأطباء يحملون على عاتقهم مسؤولية كبيرة في تثقيف المجتمع وتعزيز الوعي بأهمية التعاون والتكافل، ولذلك استحق الطبيب في منطقتنا أن يدعى بالحكيم، وان يتبوأ مكانة عالية في مجتمعه، وان يكون ملح الأرض، يصلح المجتمع بصلاحه، ويفسد بفساده”.
ختم: “دعونا نعود فنذكر أهمية الإرادة والعزيمة في مواجهة التحديات. وإن اجتماعنا هنا اليوم، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وغزة العزيزة الأبية، وغيرها من اوطاننا، يشكل رسالة مهمة للتضامن العربي ووحدة الهموم والتطلعات. ونحن نؤمن انه بإرادتنا المشتركة، يمكننا أن نتغلب على أي عقبة. وكما قال الشاعر: “إذا الشعب يوماً أراد الحياة. عشتم، عاشت طرابلس، عاش لبنان”.
نصب
ثم اقيم احتفال رمزي لازاحة الستار عن نصب الطبيب الشهيد تحدث خلاله الدكتور يحيى صالح ورئيس بلدية طرابلس رياض يمق والنقيب محمد صافي.