منذ ثمانية أشهر ولبنان يترنح على حافة الحرب الواسعة، فهو خارج حالة السلم ولم يلج بعد حالة الحرب، ووضع الـ”بين بين” هو أصعب الأوضاع.
وانطلاقاً من أن الاستهلاك هو عصب التجارة ومحركها الأساس، يشكو التجّار في لبنان من ضعفه في ضوء أكثر من عامل، أوله جبهة الإسناد في الجنوب، والشغور الرئاسي، وعدم الانتظام في المؤسسات، وصولاً إلى غياب أي خطة اقتصادية إصلاحية حتى اليوم. من هنا يأتي تعويلهم الكبير على المغتربين اللبنانيين الذين بدأوا يتوافدون بكثافة إلى الوطن الأم لتمضية الصيف آتين من الدول العربية وأفريقيا وأوروبا وأميركا، ونداء التجار إليهم منذ اليوم هو أن يكون تسوقهم للأهل والأقارب ولهم من محال لبنان التجارية، خصوصاً أن لبنان، وكما يؤكد مسؤولو الهيئات الاقتصادية، بات أرخص من الكثير من دول الاغتراب، فضلا عن أنه استأنف أخيرا تقديم خدمة مهمة كانت توقفت لسنة، وهي تمكين المغتربين والسياح لدى مغادرتهم لبنان عبر مطاره من استعادة الضريبة على القيمة المضافة.
ويقول العضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان عدنان رمال في حديث إلى “الأنباء” إن “القطاع التجاري في لبنان من أكثر القطاعات التي تأثرت سلبا خلال الفترات السابقة نتيجة الأزمات المتعددة التي مر بها الاقتصاد اللبناني بدءا بأزمة القطاع المصرفي والمالي وصولا هذه السنة إلى مفاعيل العدوان الإسرائيلي على لبنان حيث تراجعت القطاعات كافة”.
ويشير رمال إلى أن “نسبة التراجع في القطاع التجاري واضحة، خصوصاً في الفصل الأول من السنة الحالية، نسبة إلى الفترة عينها من العام الماضي، وهذا ما كان واضحا من خلال قراءة التقارير التي صدرت عن بعض المنظمات المختصة”.
وعن إمكان التعويل على الصيف وحركة المغتربين للحد من حجم الخسائر، يقول رمال: “الاقتصاد اللبناني بمجمله يتطلع إلى موسم الصيف للتقليل من الخسائر والتراجع الذي أصابه في الفترة السابقة، خصوصاً أن نسبة كبيرة من اللبنانيين المغتربين بدأوا بالمجيء إلى ربوع الوطن من دون أي خوف من الحرب”. ويلفت إلى أن نسبة كبيرة منهم من الجنوبيين، “لذلك يعوّل على هذا الاغتراب لإنعاش الاقتصاد اللبناني بقطاعاته كافة”.
من جهته، قال الباحث في الشركة المتخصصة بالبحوث والاستشارات “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لـ”الأنباء”: “موسم السياحة والاصطياف الذي بدأ في الأول من حزيران ويمتد حتى منتصف أيلول يشكل عاملا مساهما في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية مع مجيء المغتربين اللبنانيين وبعض السياح من الدول العربية خصوصا من العراق ومصر والأردن”.
واعتبر أن “صيف هذه السنة يختلف عن صيف العام الماضي بسبب حرب غزة التي أدت حتى اليوم إلى تراجع حركة القادمين بنسبة 20 في المئة، فيما سجل الصيف الماضي قدوم نحو 700 ألف، وحكما سيتراجع العدد هذه السنة بحيث سيأتي نحو 500 ألف، ما سيؤدي إلى تراجع الحركة التجارية والاقتصادية نسبة إلى ما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي”.
وعن أكثر ما ينفق عليه المغتربون والسياح في لبنان، يؤكد شمس الدين أن “إنفاقهم يتركز على المطاعم والفنادق وإيجار السيارات وشراء الألبسة والحلي”. ويلفت إلى أن “موسم السياحة والاصطياف سينشط الحركة التجارية في هذه القطاعات، لكن حكما ليس بالنسبة نفسها التي سجّلت العام الماضي”.
وإذا كان العاملون في القطاع السياحي مطمئنين إلى نشاطهم هذا الصيف، فإن قلق التجار مشروع حتى أفول الصيف ومرور قطوع الحرب الواسعة.