كتبت صحيفة “الديار” نقول:
تتصاعد وتيرة المعارك على الجبهة العسكرية بين حزب الله و «اسرائيل»، رغم التنبيه الاميركي المتكرر لـ «اسرائيل» بتجنب تصعيد الصراع مع حزب الله، الا ان الحسابات الخاطئة وسوء التقدير قد يؤديان الى اشعال حرب شاملة تفجر المنطقة بأكملها. وفي ظل هذه الاجواء المشؤومة، تعيش المنطقة حبس انفاس لما ستحمله الايام او الاسابيع المقبلة من تطورات بين مقاومة حزب الله والعدو الاسرائيلي.
وفي الوقت ذاته، لا تزال الجهود الديبلوماسية مستمرة للتوصل الى حل ونزع فتيل الحرب المدمرة، خاصة بعد تصريح وزير الدفاع «الاسرائيلي» يؤاف غالانت ان بلاده منفتحة على الحل الديبلوماسي. وفي موازاة ذلك، حدد الموفد الاميركي الخاص اموس هوكشتاين زيارته لباريس في 3 تموز المقبل. فهل سيتمكن خلال لقائه مع الموفد الخاص للرئيس الفرنسي جان ايف لودريان من الوصول الى حل يُبعد الانفجار الكبير بين لبنان و «اسرائيل»؟
حتى اللحظة الجهود الديبلوماسية القائمة لم تصل الى نتيجة واضحة، ولا تزال الانظار شاخصة نحو لقاء هوكشتاين – لودريان، ولكن في حال فشل الحل الديبلوماسي وطغى الحل العسكري، فان عدوان «اسرائيل» على لبنان سيكون مختلفا عما يحصل في غزة. وخلاصة القول ان المواجهة مع حزب الله مختلفة جدا عن مواجهة حماس، لان حزب الله اقوى بأضعاف واضعاف من حركة حماس لناحية قدرته العالية في القتال، اذ ان مقاتليه تدربوا طوال 18 سنة الماضيين اي منذ انتهاء حرب تموز لمواجهة اخرى مع العدو، وبالتالي هم على جهوزية تامة للخوض في اشتباكات شرسة، تكبد جيش الاحتلال خسائر وهزائم كبيرة.
اضف على ذلك، يمتلك حزب الله اسلحة متطورة وعددا هائلا من الصواريخ والمسيرات الانقضاضية، التي ستجعل جيش الاحتلال يترحّم على حربه في غزة، فضلا عن تمكن حزب الله من استهداف مواقع حيوية في العمق «الاسرائيلي»، وهذا ما ظهر في مسيّرة «هدهد» .
في الوقت نفسه، لا يمكن انكار ان الجيش «الاسرائيلي» هو جيش قوي وتقدم له الولايات المتحدة اسلحة متطورة وسلاحا جويا متقدما، الا ان الحرب الشاملة ستكون كارثة على «اسرائيل» وعلى لبنان ايضا، وفقا لمصدر عسكري رفيع المستوى، وانما الفارق الوحيد هو ان حزب الله لا يريد توسيع نطاق حرب الاسناد مع غزة، في حين ان بعض «الاسرائيليين» يذهبون باتجاه خيارات انتحارية وغير مدروسة، سترتد تداعياتها اولا على الدولة العبرية وثانيا على المنطقة برمتها….
وقد نقلت وسيلة اعلامية عن الاستخبارات الاميركية قولها ان الامور تتجه الى الحرب الموسعة بين «اسرائيل» ولبنان، في حال لم تحصل هدنة في غزة، الى جانب مواصلة تهديدات وزراء «اسرائيليين» باظلام لبنان وتدمير مقاومته، في حين اعتبر رئيس الاركان الاسبق آيزنكوت ان لا «إسرائيل» تريد ولا امين عام حزب الله السيد نصر الله يريد الذهاب الى حرب شاملة لأن ثمنها باهظ، لكن في غياب حل زاد احتمال نشوبها.
في المقابل، تعتبر وسائل اعلام اخرى تنقل عن خبراء ومسؤولين اميركيين رفيعي المستوى ايضا، ان عدم حصول عدوان «اسرائيلي» على لبنان هو المرجح حاليا، نظرا لحالة الجيش «الاسرائيلي» المتعب والمنهك من جراء حرب غزة، ولذلك يتجه الى الاعلان قريبا عن «انتصاره» على حماس بتدميره قدراتها العسكرية في رفح، بهدف عدم جره الى حرب اخرى، وهي حرب مع لبنان.
ولكن بعيدا عن التحليلات، فان الواقع الميداني هو الوحيد الذي سيشير الى الاتجاه التي ستذهب اليه الامور، وهو الذي سيؤكد اذا كان الانفجار الكبير هو عنوان المرحلة المقبلة.
الاحتدام الداخلي «الاسرائيلي» في اوجه
اما في الداخل «الاسرائيلي»، فقد بلغ الاحتدام السياسي والشعبي اوجه، حيث يهاجم وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو الجيش والاجهزة الامنية «الاسرائيلية»، محملينهم مسؤولية حصول عملية طوفان الاقصى في السابع من تشرين الاول. وابرز هجوم شنه وزير المالية «الإسرائيلي» بتسلئيل سموتريتش على رئيس الأركان هرتسي هاليفي خلال اجتماع قائلا: إن الجيش «كان نائما في السادس من تشرين الأول الماضي». الى جانب ذلك، قامت زوجة ونجل نتنياهو بتوجيه اتهامات ايضا للقادة في الجيش «الاسرائيلي» معتبرين ان هؤلاء القادة يخططون للانقلاب على بنيامين نتنياهو.
في المقابل، حذر وزير الدفاع «الاسرائيلي» يؤاف غالانت نتنياهو بالقول: «لا يمكنك السماح بمهاجمة الوزراء للجيش و «الشاباك»، لأن ذلك يعرّض «إسرائيل» للخطر»، وفقا للقناة 13 «الاسرائيلية».
بدوره، دعا رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت كل الذين أخفقوا في صد هجوم 7 أكتوبر الماضي للعودة الى منازلهم، من قائد الفرقة إلى رئيس الوزراء، واصفا نتنياهو بالفاشل، ومشيرا الى انه في ظل غياب القرارات فان نتنياهو قد يقود «إسرائيل» إلى مناطق خطرة، مثل السيطرة الدائمة على غزة. ورأى آيزنكوت انه بات من غير المناسب ان يبقى رئيس الوزراء الحالي في منصبه بعد السابع من تشرين الاول.
ومن جهته، شدد المسؤول السابق في «الموساد» عوزي أراد على ان «مصلحتنا تقضي بالتنسيق مع الادارة الأميركية في هذه المعركة، وفي المعركة الكبرى ضد إيران»، ومشيرا الى ان «سلوك حكومة نتنياهو ساهم في اندلاع الحرب وأداؤها سيئ جدا.»
ومن الناحية الشعبية، يواصل اهالي الاسرى «الاسرائيليين» المحتجزين لدى حماس بممارسة الضغط على الحكومة عبر قطع طريق من الجانبين في «تل ابيب»، الى جانب الضغط على الحكومة بمعاقبة المسؤولين لحصول السابع من تشرين الاول.
المدير العام للكهرباء في «اسرائيل»:
حزب الله يعلم كيف يجعل الحياة في بلدنا لا تطاق
الى ذلك، جاء في صحيفة «هآرتس» العبرية في ملحقها الاقتصادي «لسنا جاهزين للحرب. بعد 72 ساعة بدون كهرباء في «إسرائيل»، لن يكون من الممكن العيش هنا». وفي المقال ذاته، حذر المدير العام لشركة «نوغا» التي تدير قطاع الكهرباء في «اسرائيل» شاؤول غولدشطاين، من أنّ «حزب الله يعرف كيف يجعل الحياة في «إسرائيل» لا تُطاق، نحن نعيش في عالَم الفانتازيا». وتابع: «إذا كان نصر الله يريد وقف عمل شبكة الكهرباء في «إسرائيل»، فما عليه سوى أن يتصل هاتفيا بالمسؤول عن النظام الكهربائي في بيروت، والذي يبدو من ناحية هيكله التقني مشابها تماما للنظام القائم في «إسرائيل».