خاص موقع mtv:
يتميّز لبنان بمناخه المعتدل وفصوله الأربعة وتنوّعه الحيواني والنباتي… لحظة، ما تعلّمناه في كتاب الجغرافيا بحاجة إلى Update.
فقد سجّل كوكب الأرض العام المنصرم أعلى متوسط درجة حرارة على الإطلاق، متجاوزًا بذلك الرقم القياسي السابق لعام 2016 بهامش كبير. وكانت المرّة الأولى التي يقترب فيها متوسط حرارة الكوكب نحو 1.5 درجة مئوية، ويتوقع بعض العلماء أن يكون العام 2024 العام الأوّل في تاريخ البشرية الذي يكسر متوسط درجة حرارة الكوكب حاجز 1.5 درجة مئوية. ولبنان لن يكون بمنأى عن هذه التحوّلات التي تشهدها الأرض. وقد بدأنا نلمس الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة منذ السنة الماضية.
دخل لبنان موجة الحرّ الرابعة منذ الخميس، وستستمرّ حتى يوم غد الأحد على أن تبلغ ذروتها يومي الجمعة والسبت، نتيجة دخول نشاط المنخفض الهندي الموسمي الحار ذروته أمس وسيطرة الكتل المدارية الصحراوية على أجواء سوريا والأردن ولبنان. وستسجّل الحرارة ارتفاعات كبيرة تتراوح بين درجتين إلى ثلاث درجات. وما سيزيد من الشعور بالحرّ والاختناق هو ارتفاع نسبة الرطوبة إلى 75 في المئة نهارًا، و95 في المئة مساءً.
نشاط المنخفض الهندي سيستمرّ طيلة شهر حزيران نحو تركيا وقبرص واليونان والعراق وسوريا وسيُحاصر لبنان بموجات ساخنة. وهذه الموجات ستزيد من حدّتها خلال شهري تموز وآب. وسترتفع معدّلات الحرارة عن الصيف الماضي بدرجتين كل شهر.
وسجّل لبنان في عامي 2014 و2016 درجات حرارة بلغت في مناطق بقاعية 46 درجة، إنّما المفارقة كانت أنّ الحرارة سُجلّت ليوم أو اثنين كحدّ أقصى، بخلاف ما يحصل اليوم وهو امتداد الحرارة على أيّام عدّة، ما يرفع من نسب المخاطر البيئيّة والصحيّة.
المشاهد التي نراها في عدد من الدول المجاورة والدول الأوروبية من عواصف وأمطار طوفانية وسيول وفيضانات سنراها حتمًا في لبنان. بشائرها بدأت منذ العام الماضي، بهطول أمطار كثيفة بشكل سريع ومحصور بساعات قليلة إضافة إلى موجات الحرّ الطويلة وارتفاع درجات الحرارة. كلّ ذلك ناتج عن ارتفاع حرارة المحيط الأطلسي، الذي سيضربنا بعواصف وسنتأثّر بكوارث وأمطار طوفانية.
وأدّى التغيّر المناخي إلى امتداد فترات الجفاف على 6 أشهر، ما نسف مبدأ الأربعة فصول في لبنان. كما أدّت الحرارة المرتفعة إلى تجاوز موسم الحرائق الـ200 يوم في السنة. كلّ ذلك يزيد الضغط على الأجهزة المعنية في الدولة اللبنانية وعلى مختلف القطاعات؛ نسبة المياه الجوفية انخفضت بفعل تراجع الغطاء الثلجي منذ العام 2000، تفشّت الأمراض والحشرات، زاد الضغط على القطاع الصحي، ضُرب القطاع الزراعي… والمواطن الفقير “سيذوب” بغياب آلات التهوئة نتيجة انعدام قدرته الشرائية.
العوامل الطبيعيّة والتغيّرات المناخية أقوى من أي خطط وحملات وطنية، على أهميّتها وضرورة التكامل فيها بين الدولة والمواطن.
وكأن بلادنا باتت مجسّما مصغّرا عن الكوكب، فكلاهما غير قابلين للحياة… وحدهما الله والطبيعة قد يشفعان بنا.