بعد توقف دام لمدة اثني عشر عامًا بسبب الحرب على سورية، التزمت الرياض جانب الواقعية السياسية الناتجة عن انفتاحها على دمشق، فسلمت الحكومة السورية وبشكل حصري ملف الحج الذي أشرفت عليه وزارة الأوقاف السورية بعد تذليل كلّ العقبات اللوجستية في هذا الشأن.
وانطلقت مواكب الحجاج السوريين من مطار دمشق الدولي نحو الأماكن المقدسة في الحجاز. خطوة ساهمت ولا شك في ازدياد الشقاق بين الرياض و ما يسمى بـ”المعارضة السورية” المسلحة.
ضربة قوية للمعارضة
يرى الباحث المختص في الجماعات الإسلامية حسام طالب أن السعودية أخذت موقفًا قانونيًا وأخلاقيًا برفضها قبول جواز سفر صادر من جهة غير شرعية وإرهابية في إشارة منه إلى المجموعات المسلّحة السورية التي اعتادت تنظيم شؤون الحج إلى مكة المكرمة خلال سنوات الحرب على سورية.
وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري، أكد طالب أن ما تقوم به السعودية اليوم على هذا الصعيد هو سلوك داعم للاستقرار في المنطقة وخاصة بعد عودة العلاقات على كلّ المستويات السياسية والأمنية ـ أحيانًا ـ بين دمشق والرياض، لذلك من الطبيعي أن ترفض الرياض جواز سفر صادر من جهة سورية غير رسمية.
وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية أن سورية تعيش أجواء علاقات جيدة مع السعودية التي تأخذ منحى الاستقرار في المنطقة خاصة عقب عودة علاقتها مع إيران، ونحن أمام مرحلة مختلفة من السياسة السعودية، نرجو أن تستمر في دعم الاستقرار في المنطقة.
وحول موقف تركيا من الشأن نفسه باعتبارها تسيطر على أراض سورية فيها الكثير من التجمعات البشرية فضلًا عن وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين على أراضيها، فقد لفت طالب إلى أن أنقرة وخلال كلّ مدة الحرب على سورية كانت ترفض أي جواز سفر صادر من جهة غير الجهة الرسمية السورية والقنصلية السورية فتحت أبوابها في تركيا ولم تغلق خلال سنوات الحرب، لذلك فإنه حتّى تركيا التي تدعم هذه الجماعات الإرهابية والتي تعطي الغطاء السياسي والعسكري والأمني لها ولمنصاتها التي تسميها سياسية رفضت كذلك هذا الأمر الصادر عنها والتزمت رغم التحفظات الكبيرة على سلوكها الدموي في سورية، الجانب القانوني واضطرّت للتعامل مع الحكومة السورية باعتبارها الحكومة الشرعية التي تصدر الأوراق الرسمية على كلّ المستويات.
الرياض والواقعية السياسية
من جانبه، أكد المحلل السياسي محمد علي في حديثه الخاص بموقع “العهد” الإخباري أن قيام الرياض بتسليم وزارة الأوقاف السورية ملف الحج وانطلاق قوافل الحجاج السوريين من مطار دمشق الدولي خطوة طبيعية في سياق حرص السعودية على الانتقال من ملف الاشتباك الإقليمي إلى التفاهم والتشبيك ولو في الحدود الدنيا.
وأضاف، إن تعيين الرياض سفيرًا لها في دمشق يؤكد جنوحها لبناء سلسلة من التفاهمات الإقليمية على إدارة الصراع بدل الوقوع فيه.
ورأى أن الرياض لم تقطع علاقاتها مع المعارضة السورية، لكن الصلة معها لم تعد حبلًا سريًا يمدها بالحياة على النحو الذي كانت عليه الأمور في السابق، بل تندرج ربما في إطار الضغوط عليها لأخذ موقف يتناسب مع توجهات الرياض الجديدة في عدم الخوض في صراعات غير مضمونة العواقب وربما لعب دور الوسيط بين دمشق وهذه المجموعات المسلّحة والذي قد يعيد الأمور إلى المربع الأول قبل نشوب الأزمة في سورية.
المصدر : العهد الاخباري