لا يزال ملف عودة النازحين السوريين الى بلدهم يراوح مكانه. ولم يتلق لبنان الواقع تحت ضغط هذا الكابوس إلا وعوداً تخديرية من الغربيين ولم يحصل من مؤتمر بروكسيل الذي حمل عنوان “دعم مستقبل سوريا والجوار” على أي خطة تثبت أن الاتحاد الأوروبي وقبله أميركا يتعاطيان بجدية لطيّ صفحات هذا الملف الذي بات من المؤكد أن نهايته بعيدة المنال حيث يستمر النازحون في ربوع المناطق اللبنانية وإن اتخذت مجالس بلدية بعض الإجراءات بطلب من الأحزاب وخصوصاً في البيئات المسيحية
وفي مواكبة لهذا الملفّ الأكثر من شائك على مختلف الصعد لم تقدم مفوضية اللاجئين بعد على تسليم مديرية الأمن العام الداتا المعدلة رغم كل ما حملته التوصيات التي أصدرها مجلس النواب وطلب الحكومة لتنفيذ هذا الأمر. ولم يُكترَث هنا بكل ما قاله وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في هذا الشأن.
وفي المعلومات أن وفداً من المفوضية سيحضر من الخارج الى بيروت بمشاركة ممثلها إيفو فرايسن للقاء الرئيس نجيب ميقاتي واللواء الياس البيسري ومسؤولين آخرين للبحث في آخر ما تم التوصل إليه في حصيلة مؤتمر بروكسيل وتنظيم تعاون المفوضية مع السلطات اللبنانية. وفي اللقاء المنتظر مع المسؤولين في المفوضية سيسمعون من جديد كلاماً عن الأخطار التي تهدّد لبنان من جراء كل هذه المضاعفات التي يرتّبها النازحون على اقتصاد البلد ويوميات أهله وأن من مسؤولية المفوضية والمجتمع الدولي تحمّل مسؤولية لجوء هؤلاء الى أرض لبنان غير القادر على تحمّل أعباء 800 ألف نازح اقتصادي هربوا من ديارهم بعدما وصل كثيرون منهم الى حافة الجوع مع عدم التقليل من مضاعفات عقوبات قانون قيصر الأميركي.
ولا يخفى هنا أن ثمة مشكلات عدة تتخبّط بها الوزارات والإدارات المعنية في التعاطي مع هذا الملف لعدم توصلها الى وضع تصور يعزز موقف لبنان في جبه تحدّي النزوح. وتضيف المصادر أنه إن لم تلبّ المفوضية المطالب اللبنانية فسيتم اللجوء الى استعمال الخطة “ب” و”على المعنيين الدوليين تحمّل مسؤولياتهم”.
وفي خضمّ كل هذه التحديات اللبنانية وممارسة سياسة الترقيع وتمرير الوقت حيال ضغوط ملف النازحين والضياع الحاصل، يتوصّل مسؤول لبناني الى خلاصة غير مشجعة من جراء ما تلقاه من الأوروبيين من مسؤولين سياسيين وأمنيين تفيد أن لا توجهات جدية بعودة النازحين الى بلدهم. ودارت نقاشات معهم أن الاوروبيين والأميركيين قبلهم لا يريدون تحقيق هذه العودة وحجتهم أنهم لا يريدون التعاون ولا التعاطي مع الرئيس السوري بشار الأسد، فكان الرد أن هذا الموقف لا يصبّ في مصلحة لبنان ولا يخلصه من أثقال وجود هذا الكم من النازحين على أرضه.
وتلقى الأوروبيون من المسؤول اللبناني انتقادات على الأداء الذي يقدّمونه مع دعوته لهم في أكثر من جلسة الى قراءة جيدة لموقف البلدان الخليجية في تعاطيها مع الأسد من طرف السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان حيث تمكن رغم كل سنوات الحرب التي خاضها من منع الجماعات المتطرفة من السيطرة على دمشق وحلب أكبر مدينتين سوريتين. ولو انهار نظامه في السنوات الأخيرة لانتشر المتطرفون على الحدود مع الجولان المحتل وإسرائيل. وتضيف المعلومات أن قرار البت بعودة النازحين هو في يد واشنطن وليس عند الاتحاد الأوروبي.
ويخلص المسؤول اللبناني الى القول إن الهدف الذي يريده الغربيون وإن لم يعلنوا عنه من خلال عرقلتهم عودة النازحين السوريين الى بلدهم وإبقائهم في لبنان “كأنهم يريدون استعمال ورقتهم، وأكثرهم من السنة، ضد حزب الله على أرض لبنان في المستقبل”.