كتبت لارا أبي رافع في موقع mtv:
لا يزال الملف الرئاسي عالقاً في الكماشة الداخلية في ظلّ استعصاء القوى السياسية وتمسّك كلّ طرف بموقفه، مع أنّ الفترة التي نعيشها هي الأسوأ في تاريخ البلاد. وعلى الرغم من التحذيرات الخارجية المتكرّرة من امتداد الفراغ ومحاولة الدفع باتجاه توافق داخليّ إلا أنّ لا شيء حتى الآن تمكّن من إحداث كوّة في جدار الأزمة.
وبعد مبادرة الاعتدال، يبرز اليوم حراك يقوم به “اللقاء الديمقراطي” إلى جانب حراك آخر بدأه “التيار الوطني الحرّ” من بكركي. فهل ينتج عن هذه الحركة أي بركة؟
يلفت الكاتب والمحلّل السياسي منير الربيع إلى أنّ هذه التحركات التي تحصل تتقاطع داخليًّا وخارجيًّا، فهي مبادرات داخلية تتقاطع مع المساعي الخارجية الفرنسية والقطرية لإنضاج ظروف التوافق. فبعد زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الأخيرة، طلب الفرنسيون مساعدة “الإشتراكي” في الملفّ، وكذلك لمس رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من القطريين اهتماماً خلال زيارته قطر.
ويقول الربيع، في حديثٍ لموقع mtv: “هذه التحرّكات هي محاولة لتحقيق أمرين: أوّلاً خلق كتلة نيابية وازنة (بين 40 إلى 60 نائباً) تكون مؤثرة وتتمكن هذه الكتلة الوطنية من خلق مساحة مشتركة بين الطرفين المتناقضين، أي حزب الله وحلفائه من جهة والقوات اللبنانية وحلفائها من جهة أخرى. وهذا يأخذنا إلى معادلة أن الكتلة الوسطية التي تتمكّن من استقطاب أيّ طرف من الإثنين قد تتمكّن من الخرق في الموضوع الرئاسي. أمّا الأمر الثاني فهو البحث عن مساحة مشتركة لإقناع القوى المعارضة للحوار بضرورة حصوله”.
تُحاول بعض القوى تحريك المياه الرئاسية الراكدة، ولكن حرب غزّة وتداعياتها في الجنوب فرضت نفسها بقوّة على الواقع الرئاسي في لبنان، فهل يُمكن أن تنجح؟
يُجيب الربيع: “بغضّ النظر عن أنّ الجميع يؤكّد عدم وجود رابط بين الملف الرئاسي وملف غزّة والجنوب إلا أنّ الترابط بات أمراً واقعاً، ولكن هذا لا يمنع القوى السياسية من أن تبحث عن بعض المساحات المشتركة بين بعضها إمّا في سبيل تحضير الأرضية إلى أن يحين وقت الوصول إلى تسوية، وإمّا في سبيل القدرة على إنتاج تسوية قبل الوصول إلى حلّ لحرب غزّة وجبهة الجنوب”، قائلاً: “بتقديري الظروف حاليًّا غير ملائمة لانتخاب رئيس فحزب الله لن يسير برئيس في ظلّ الحرب القائمة إلا إذا وافق الآخرون على انتخاب سليمان فرنجيّة وهذا غير وارد الآن، لأنّ الأخرين لن يُسلّموا بفرنجية في هذه المرحلة”.
كلّ الظروف لا تقود إلى انتخاب رئيس، وبالتالي هذه التحرّكات هي جزء من تعبئة فراغ سياسي وتحضير الأرضية إلى حين إنضاج الظروف المرتبطة بالملف. فإذاً يمكن القول إنّ ما لم يتمكّن “الاعتدال” من القيام به لن يتمكّن لا “اللقاء الديمقراطي” ولا “التيار” من القيام به.