كتبت صحيفة “البناء”: وفقاً لروزنامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سوف يبقى التفاوض حول إعلان وقف إطلاق النار في أوكرانيا حتى تحسم القوات الروسية السيطرة على إقليم كورسك وتُخرج الجيش الأوكراني من الأراضي الروسية كلياً، والرئيس الروسي يقبل بوقف إطلاق النار الفوري إذا استثنى كورسك من أحكامه، وما تريده روسيا ليس هدنة تعقبها جولات حرب أشدّ قسوة، بل سلام نهائي قابل للاستمرار، ولذلك سمع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في موسكو أسئلة تتصل بمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار ما لم تحسم عناوين اتفاق السلام التي يجب أن ينصب الاهتمام عليها، وجوهرها مصير الأراضي الأوكرانية التي أصبحت جزءاً رسمياً من روسيا. وفي هذا الشأن تفاهم روسي أميركي على ضرورة اقتناع أوكرانيا باستحالة العودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل الحرب، وقد نقل عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه بحث مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أمر الأراضي التي يجب أن تتنازل عنها أوكرانيا لروسيا، رغم أن زيلينسكي أصدر بياناً قال فيه إنه جاهز للتفاوض مع روسيا، لكن تحت سقف الدستور الأوكراني، حيث التنازل عن الأراضي خط أحمر.
في الدوحة مفاوضات حرجة حول غزة، كما تقول المؤشرات المتوافرة، حيث قيادة المقاومة تجتمع بمكوّناتها وفصائلها لبحث المقترحات، ما يعني وجود ما يستدعي اتخاذ قرارات نوعيّة، ويوحي بجدّية التفاوض، بينما وجّه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وفده المفاوض بمواصلة العمل في الدوحة وعدم العودة الى تل أبيب بخلاف توجيهات سابقة قبل يومين، ما يؤكد جدية التفاوض، ويدور البحث حول صيغة وسط تتضمّن تعديلاً جزئياً ومواصلة التفاوض حول إنهاء الحرب والانسحاب الشامل وفقاً لنصوص الاتفاق الأصلي الموقع بين حكومة نتنياهو والمقاومة برعاية وضمانة الوسطاء ومن بينهم الوسيط والضامن الأميركي. ولفت الانتباه على صعيد الموقف الأميركي كلام صادر عن الرئيس دونالد ترامب نفى فيه وجود مشروع لإخراج سكان غزة من القطاع، متسائلاً عن الجهة التي قالت عكس ذلك، متجاهلاً أنه شخصياً مَن أطلق الدعوة لتهجير سكان غزة ومنعهم من العودة إلى القطاع، الذي قال إنه يصلح كمشروع عقاري استثماري ليصبح ريفييرا الشرق الأوسط.
لبنانياً، قال وزير الإعلام بول مرقص بعد اجتماع مجلس الوزراء رداً على دعوات التطبيع والتفاوض السياسي مع كيان الاحتلال، كما تقول الدعوات الأميركية والإسرائيلية، “إن التفاوض مع “إسرائيل” لا يزال غير مباشر وموقفنا ضد التطبيع”، بينما أنجزت الحكومة تعيين القيادات العسكرية والأمنية حيث تم تعيين “العميد رودولف هيكل قائداً للجيش والعميد حسن شقير مديرًا عامًا للأمن العام والعميد رائد العبدالله مديرًا عامًا للأمن الداخلي والعميد ادغار لوندوس مديرًا عامًا لأمن الدولة”.
ونجح مجلس الوزراء في تمرير بند التعيينات العسكرية والأمنية في مجلس الوزراء بالتوافق بعد أسبوع من المشاورات الرئاسية بين بعبدا وعين التينة وقريطم بعيداً عن الخلافات والمناكفات، ما يعطي مؤشراً إلى أن مناخ التوافق والوفاق هو الذي يحكم عمل مجلس الوزراء حتى الآن ما قد ينسحب على بقية الملفات والقضايا الكبرى السياسية والمالية والمالية والاقتصادية، وفق ما تشير أوساط سياسية لـ»البناء»، والتي أكدت أن التوافق في اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء هو أساس وجوهر تطبيق الدستور واتفاق الطائف والشراكة الوطنية للحفاظ على الوحدة والسلم الأهلي وضمان نجاح مجلس الوزراء والعهد الجديد في استعادة الثقة وإعادة بناء الدولة ومؤسساتها.
ووفق ما علمت «البناء» من مصادر وزارية، فإن هذا الإنجاز الأول الذي أقرته الحكومة بملء الفراغ في المواقع والأجهزة الأمنية والعسكرية كان ملحاً وضرورياً لمواجهة التحديات والأخطار الأمنية المتمثلة في الاحتلال الإسرائيلي لجزء من الجنوب والاعتداءات المستمرة على الجنوب والبقاع وخرق الأجواء والسيادة اللبنانية، إضافة إلى الخطر القادم من الحدود الشرقية والشمالية المتأتي من الجماعات الإرهابية في سورية ونزوح عشرات الآلاف من السوريين من أهل الساحل السوري الى مناطق عكار والشمال اللبناني، ما يحتّم على الأجهزة الأمنية والعسكرية الاستعداد ووضع الخطط لمواجهة هذه الأخطار لحماية الحدود اللبنانية الجنوبية والشمالية والشرقية وضبط الأمن الداخلي في ظل مخاوف أمنية من ارتداد الزلزال السوري أمنياً واجتماعياً وإنسانياً واقتصادياً على الداخل اللبناني.
وشدّدت المصادر على أن سلة تعيينات جديدة يجري تحضيرها في المواقع الإدارية والمالية والقضائية بعد التوافق على آلية التعيين والمعايير المتبعة للاختيار.
وكان مجلس الوزراء وخلال انعقاده في جلسة عادية في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بحضور رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء، وتغيّب الوزيرة حنين السيد عن الجلسة، قد أقر بند التعيينات الأمنية والعسكرية، ومشروع قانون لإعادة النظر بالرسوم في موازنة 2025.
وتم تعيين كل من: – العميد رودولف هيكل قائداً للجيش بعد ترفيعه إلى رتبه لواء – العميد حسن شقير مديراً عاماً للأمن العام بعد ترفيعه إلى رتبة لواء – العميد ادغار لاوندس مديراً عاماً لأمن الدولة بعد ترفيعه إلى رتبة لواء – العميد رائد عبدالله مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي بعد ترفيعه إلى رتبة لواء – العميد مرشد الحاج سليمان نائب مدير عام أمن الدولة.
وأعلن وزير الإعلام بول مرقص خلال تلاوته مقررات جلسة مجلس الوزراء، أن «التعيينات في الجيش والأمن كانت وفق الخبرات والكفاءة ونعمل في مجلس الوزراء بدقّة مع الحرص الشّديد على المعايير والكفاءات». أضاف: «الرئيس جوزاف عون أوضح أن وفد صندوق النقد الدولي أكد ضرورة تعيين حاكم مصرف لبنان وشدّد على إقرار قانونَي السرية المصرفية الذي يحتاج إلى تعديلات إضافيّة وإعادة هيكلة المصارف».
ولفت مرقص الى أن عقد جلسة خاصة غير عادية لمجلس الوزراء الإثنين المقبل لدرس آلية التعيينات الإدارية.
وخلال مناقشة التعيينات العسكرية والأمنية اعترض وزراء القوات على بعض الأسماء التي وردت حولها تساؤلات في الرأي العام إضافة إلى أسلوب التعيين الذي لم يفتح المجال للنقاش من قبل الوزراء. أيضاً، طالب وزراء القوات خلال الجلسة باجتماع المجلس الأعلى للدفاع ووضع روزنامة لسحب سلاح حزب الله ولاقى هذا الطرح تجاوبًا من دون اعتراض أيّ من الوزراء.
وفي مستهل الجلسة الوزاريّة، قال الرئيس عون: «وقعنا في الجلسة الماضية على موازنة العام 2025، وأتمنى على وزير المال أن يراقب النفقات بالاستعانة بالمادة 118 من قانون المحاسبة العمومية، وأن يقدّم إلى الحكومة تقريراً عن وضع النفقات كل 3 أشهر». ثم أطلع الحكومة على أجواء لقائه بوفد صندوق النقد الدولي، مشيراً الى أنه تم تشكيل لجنة برئاسة وزير المال، وعضوية وزير الاقتصاد وحاكم مصرف لبنان بالإنابة، ومستشارين اثنين، بالإضافة الى مستشارة رئيس الحكومة السيدة لميا مبيض، لمتابعة النقاط التي عرضها الصندوق. وأضاف: «لقد ركز وفد الصندوق خلال اللقاء، على أهمية وضرورة التوصل الى برنامج مع الصندوق قبل حلول الصيف، بعد التجارب السابقة غير المشجّعة بحسب تعبيرهم، بالتعاون مع جميع السلطات والجهات المعنية في لبنان. الأساس هو استعادة الثقة بلبنان، داخلياً وخارجياً، والتي تتطلب إصلاح الأوضاع الاقتصادية والمصرفية والمالية وغيرها. وأكد وفد الصندوق على ضرورة تعيين حاكم مصرف لبنان، وأن يكون لوزارة المال مركز موحّد لجميع أقسام الوزارة، داتا سنتر، كما شدّد الصندوق على إقرار قانونين، الأول قانون السرية المصرفية الذي يحتاج إلى تعديلات إضافية بعد التعديلات التي لحقت به مؤخراً، والثاني هو قانون إعادة هيكلة المصارف».
وعن الأحداث الأخيرة في سورية، أشار رئيس الجمهورية إلى أن الأجهزة الأمنية ووزراتي الداخلية والدفاع يتابعون التطورات، للبقاء على كامل الجهوزية. وأضاف الرئيس عون «بالأمس تمّ إطلاق أربعة أسرى لبنانيين كانت «إسرائيل» احتجزتهم خلال الحرب الأخيرة، واليوم أطلق الأسير الخامس، وقد تم ذلك نتيجة المفاوضات غير المباشرة».
بدوره، أكد رئيس مجلس الوزراء نوّاف سلام في كلمة ألقاها خلال إفطار أقامه في السرايا الحكومية ان «استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمواقع في الجنوب يشكل اعتداءً على سيادتنا وانتهاكاً للقرار ١٧٠١ الذي نلتزمه بكامل بنوده وننفذه»، مشدداً على أنه «لا مشروع لدينا يعلو على استعادة الدولة لقرار الحرب والسلم، وعلى الإصلاح الذي يسمح بقيام الدولة وهو الممر الإلزامي لاستعادة ثقة المواطن بالدولة وللتعافي المالي والنهوض الاقتصادي». ولفت إلى أن «العناوين الأساسية للإصلاحات هي: قيام السلطة القضائية المستقلة، وإيجاد حل لأزمة المودعين وإعادة هيكلة القطاع المصرفي والانتقال الى دولة المواطنة وإعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج جديد يراعي أولاً مصلحة لبنان الوطنية، ويساعد في تأمين الدعم من أشقائنا وأصدقائنا الدوليين وقد بدأنا بالفعل هذا الأسبوع بالتفاوض على برنامج كهذا».
وتسلّم الجيش اللبناني، العسكري زياد شبلي عند معبر الناقورة وهو الأسير الخامس الذي تأخر الإفراج عنه حتى أمس، وكان قد اعتقله جيش العدو في التاسع من آذار الحالي. وتوجّه شبلي إلى أحد المستشفيات لاستكمال علاجه جراء إصابته بالرصاص أثناء اعتقاله في مزرعة بسطره. وصدر عن قيادة الجيش بيان جاء فيه «بتاريخ ٢٠٢٥/٣/١٣، تسلم الجيش عبر الصليب الأحمر الدولي العسكري الذي اختطفه العدو الإسرائيلي بتاريخ ٢٠٢٥/٣/٩، ونُقل إلى أحد المستشفيات للمعالجة».
ولم يتطرق مجلس الوزراء إلى موضوع التصريحات الأميركية والإسرائيلية حول إطلاق مفاوضات حول ترسيم الحدود البرية والتطبيع مع العدو الإسرائيلي، بل اكتفى وزير الإعلام بالنفي بأن لم يطرح هذا الأمر في مجلس الوزراء وأن مجلس الوزراء لم يوافق على أي مفاوضات للتطبيع مع «إسرائيل».
وقال نائب رئيس الحكومة طارق متري تعليقاً على ما يُشاع حول التطبيع: «الإسرائيلي يحاول فرض أمر واقع، ولكن لبنان لا يزال على موقفه». أيضاً، قال وزير الخارجية يوسف رجي: لم يصلنا أي موقف رسمي حول ما يُشاع عن تطبيع مع «إسرائيل»، وكل ما يُقال هو مجرد كلام صحافي، فهذا الموضوع ليس مطروحًا نهائيًا. ونقلت «سكاي نيوز» عن مصدر رسمي لبناني قوله: «نرفض محاولة «إسرائيل» لمقايضة تحديد الحدود البرية والانسحاب من لبنان باتفاق تطبيع». وفي سياق متصل، أكدت مصادر رسمية أن لبنان لم يتلقَّ أي طلب من الولايات المتحدة بشأن إجراء مفاوضات مباشرة مع «إسرائيل». وأوضحت المصادر أن لبنان متمسك بتطبيق القرار الدولي، ويعترف بأهمية إطلاق مسار التفاوض حول تثبيت الحدود البرية. بدوره، قال مصدر مطلع لـ»جيروزاليم بوست» إن لا توجد حالياً أي مناقشات حول التطبيع بين «إسرائيل» ولبنان.
وشددت أوساط سياسية لــ»البناء» الى أن لا مانع من فتح مفاوضات غير مباشرة بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي عبر الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو عبر لجنة الإشراف على تطبيق القرار 1701 من دون أي مفاوضات أو محادثات سياسية أو دبلوماسية مباشرة ولا غير مباشرة، بل تبقى في الإطار العسكري والتقني والفني، وبالتالي من المبكر مجرد الحديث عن موضوع التطبيع، والأولوية الآن خوض مفاوضات للانسحاب الإسرائيلي من كامل الأراضي اللبنانية وصولاً الى الحدود الدولية واتفاقية الهدنة عام 1949 واستكمال تطبيق القرار 1701 لا سيما البند 0 حول تشكيل لجنة دولية لبحث قضايا عدة خلال 30 يوماً من ضمنها وضع مزارع شبعا في عهدة الأمم المتحدة وانسحاب الاحتلال منها، إضافة الى تطبيق القرار الدولي الصادر عن الأمم المتحدة حول اللاجئين الفلسطينيين.
في المقابل، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «لن نتنازل عن السيطرة على 5 مواقع في الأراضي اللبنانية». وزعم نتنياهو، أنه «هاجمنا اليوم (أمس) مقراً لحركة الجهاد الإسلامي في قلب دمشق»، متوعداً بأن «من يهاجمنا أو يفكر في مهاجمتنا سنهاجمه، فسياستنا الهجومية لا تقتصر على سورية بل تمتد إلى لبنان أيضاً». وزعم «أننا قتلنا 5 عناصر من حزب الله الأسبوع الماضي لخرقهم اتفاق وقف إطلاق النار الذي نعمل على تنفيذه بقوة». وتوجّه الى زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، بالقول «المسيّرة التي حلقت فوق منصة الغاز جعلتك تتنازل عن مساحة من أراضينا للبنان، فلا تلقِ عليّ المواعظ وسنواصل الحفاظ على أمن «إسرائيل»».
ووضع خبراء في الشأن الإسرائيلي تصريحات نتنياهو في إطار التجاذبات السياسية الداخلية في كيان الاحتلال وفي إطار المنافسة والصراع بين نتنياهو ولابيد زعيم المعارضة والمتوقع أن تستعر أكثر كلما اقتربا من الانتخابات الإسرائيلية.
على صعيد آخر، أشار الرّئيس السّابق لـ»الحزب التقدّمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، إلى أنّ «ما حدث في مدينة عاليه من تظاهرات عشوائيّة وإطلاق نار وتصرّف غوغائيّ، يجعلني أقول إنه يبدو أنّ المسافة الفكريّة بين الرّاحل كمال جنبلاط وبعض مناصريه بعيدة جدًّا».
ولفت في كلمة له بمناسبة اغتيال كمال جنبلاط، إلى أنّ «هؤلاء يسيئون للحزب والمجتمع، فالظّروف تغيّرت ولسنا ميليشيا مسلّحة، وكلّ هذه التّصرّفات ستنعكس على المجتمع وتسيء، وقد أُصبت بصدمة بسببها». وتوجّه إلى مطلقي النّار، قائلًا: «لا أريدكم أن تأتوا إلى المختارة في 16 آذار الحالي، لأنّ وجودكم مسيء للمختارة وللذّكرى ولفكر كمال جنبلاط، وأكتفي بالّذين يأتون عن قناعة». وأعلن «أنّنا سنقوم لاحقًا بورشة تنظيميّة فكريّة للحزب»