بين 5 و9 حزيران الجاري، يقوم الرئيس الاميركي جو بايدن بزيارة دولة هي الاولى خلال ولايته الرئاسية الى فرنسا. زيارة تهدف اولاً الى المشاركة في مراسم إحياء الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، في 6 حزيران في النورماندي، حيث سيلقي كلمة يوجه خلالها تحية لقدامى المحاربين الأمريكيين وعائلاتهم، كما الى عقد اجتماعات مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون في 8 الجاري من اجل التنسيق في كيفية مواجهة الازمات الدولية عشية قمة مجموعة السبع
في باري الإيطالية في منتصف حزيران وقمة حلف شمال الأطلسي في تموز المقبل في واشنطن.
تشكل الزيارة بحسب ما تؤكد مصادر دبلوماسية مطلعة لـ”المركزية” مناسبة للتشاور في كيفية معالجة الأزمات الدولية الكبرى التي تتابعها باريس وواشنطن وابرزها الحرب الروسية على اوكرانيا ، لا سيما أن الرئيس الاوكراني فلوديمير زيلنسكي سيكون حاضراً في احتفال النورماندي للمرة الاولى كتحدٍّ لروسيا، والصراعات في الشرق الأوسط لا سيما في غزة اضافة الى الأزمات في أفريقيا، بما يساهم في ارساء الاستقرار ويؤسس للسلام.
وبعيدا من المحور الجيوسياسي، توضح المصادر ان الرئيسين سيناقشان كيفية بناء المستقبل السياسي المشترك بين البلدين اقتصاديا وسبل اطلاق مشاريع كبرى بما فيها تطور البلدين في سياق استكمال ملفات البحث التي طرحت خلال زيارة الرئيس الفرنسي الى الولايات المتحدة في كانون الاول الماضي.
ثالث ملفات البحث يتصل بالمسائل المتعددة الأطراف ومدى قدرة فرنسا والولايات المتحدة على تولي القيادة على الساحة الدولية، وتهيئة الظروف اللازمة لذلك، وتحديدا في ما يتصل بتغير المناخ، ومكافحة فقدان التنوع البيولوجي، والصحة العالمية، والديون المستحقة على البلدان الأكثر ضعفا، والدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة.
اما ملف لبنان فسيحضر حكما من باب التطورات المتسارعة والخطر المحدق بالبلد نتيجة فتح جبهة الاشغال جنوبا وربط مصيرها بوقف الحرب على غزة ، لا سيما بعد ارتفاع منسوب التهديدات الاسرائيلية بشن حرب واسعة على لبنان واعلان الحزب جهوزيته لها. كما سيبحث الاستحقاق الرئاسي ووجوب دفع المساعي قدما لانهاء الشغور المزمن . وتشير المصادر الى ان اقتراح فرض عقوبات على معرقلي الانتخابات لن يطرح بين الرجلين، ما دامت العقوبات المفروضة على اكثر من شخصية وفريق مؤثر في الرئاسة وتحديدا حزب الله لم تقدم قيد انملة الملف الرئاسي، وتبعا لذلك سيؤكد الرئيسان على وجوب دعم المسعى القطري والحراك الفرنسي لاخراج الرئاسة اللبنانية من قمقم العرقلة ، خصوصا ان قطر تضغط بقوة في هذا الاتجاه بدعم اميركي ،وقد دعت عددا من القوى السياسية المؤثرة اليها واجرت معهم مشاورات في هذا الشأن.
زيارة متخمة بالملفات الساخنة، تماما كسخونة الجبهة اللبنانية الجنوبية التي تشير المصادر الى ان واشنطن توليها اهتماما قد يفوق الاهتمام بالاستحقاق الرئاسي نظرا لارتباطها بالوضع الاسرائيلي وأمن الدولة الحليفة، فيما يرتبط الاهتمام الفرنسي بمحاولة استعادة دور مفقود وحضور على الساحة الشرق اوسطية ولبنان ملعبها الاهم ، وقد مُنِيت باريس بسلسلة خسائر في افريقيا تحاول التعويض عنها في الاقليم. وسيطلع ماكرون نظيره الاميركي على دقائق الوضع اللبناني من خلال تقرير الموفد الرئاسي جان ايف لودريان الذي رفعه الى الاليزيه اثر زيارته الاخيرة لبيروت ، ليس لإرساء حل او فرضه ، فالجميع يعرفون ان انتخاب رئيس للبنان شأن لبناني كما يكرر سفراء دول مجموعة الخماسي الدولي انما لوضع الرئيس بايدن في اسباب اخفاق فرنسا في ارساء الحل واسقاطه على القوى اللبنانية لترجمته انتخابا في المجلس النيابي، وهي الطامحة الى لعب دور فاعل في مجال حل النزاعات في المنطقة وحجز موطئ قدم لها في التسوية الكبرى المتوقعة .