كتبت مريم حرب في موقع mtv:
خرج عدد كبير من متقاعدي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعد سنوات خدمتهم بفتات تعويض نهاية الخدمة. فالقرار 1288 الصادر بتاريخ 8/2/2024 عن مجلس إدارة الضمان أعطى زيادة على الراتب قدرها 25 ضعفًا للمتعاقدين من دون مفعول رجعي، لم ينصف الذين خرجوا على التقاعد قبل سريان مفعول القرار.
حاول متقاعدو الضمان رفع الصوت، إلّا أنّ مطلبهم بتصحيح تعويض نهاية الخدمة لم يلقَ جوابًا حتى كتابة هذه السطور. ارتفاع سعر الصرف من 1500 ليرة لبنانية إلى 90 ألف ليرة، لعب لعبته في ضرب تعويض نهاية الخدمة؛ من كان يحق له بتعويض 440 مليون ليرة مقابل 20 سنة خدمة مثلًا وخرج في 2023 أو حتى نهاية شباط 2024 حصل على 2400 دولار فقط لا غير. في حين أن تعويضه كان يساوي على الـ1500 ل.ل. تقريبًا 300 ألف دولار. ومن خدم أكثر من 30 سنة قد يصل تعويضه إلى 5 آلاف دولار. ومن تقاعد بعد بدء الأزمة في العام 2019، صرف تعويضه على سعر دولار أقل بكثير من 90 ألفاً. أمّا من سيشملهم القرار 1277، سيخرجون بتعويض قد لا يقل عن 40 ألف دولار.
الأرقام كفيلة بإظهار الظلم الذي سبّبه هذا القرار لعدد من المتقاعدين الذين أمضوا 20 سنة كحدّ أدنى في الضمان وكانوا يعوّلون على التعويض لضمان آخرتهم كما يردّ عدد منهم في حديثهم لموقع mtv.
تؤكّد الطبيبة المراقبة السابقة في الضمان جورجيت حاج أنّ “المتقاعدين حاولوا مرارًا طلب اجتماع من المدير العام للضمان محمد كركي إلّا أنّه كان غائبًا عن السمع، فاستمع إليهم كلّ من رئيس اللجنة الفنيّة في الضمان والمدير الإداري”. وتلفت، حاج في حديث لموقع mtv، الى أنّ “قرار البت بمصير تصحيح التعويضات بيد مجلس الإدارة وكركي ومن ثمّ وزير الوصاية”، معتبرة أنّ “القرار 1277 صدر “بليلة ما فيها ضوّ قمر” وتوقيته يسبق تقاعد 3 مدراء”.
وتشرح أنّهم سبق وتقدموا بطرح تأمين معاش تقاعدي حتى إذا أقرّت الدولة زيادات يُشمَلون فيها، ولم يُؤخذ بهذا الطرح. وتضيف: “اقتراح آخر تقدّمنا يقضي بصرف تعويضاتنا على أساس 15 ألف ليرة للدولار، بحيث نستعيد بعضًا من حقّنا، وقد سُحب اقتراح القانون هذا عن جدول أعمال مجلس الوزراء”.
وتشير أيضًا إلى أنّ “التعويض الذي حصل عليه المتقاعدون الذين لم يشملهم القرار 1277، يكفي لسداد اشتراك الضمان لسنة واحدة، فكيف يعيشون؟ ومن أين يأتون بالأموال؟”.
وتتساءل حاج كزملاء لها عن سبب التمييز الحاصل إذا صدر قرار “بإنصاف مستخدمتين ستحالان على التقاعد بتاريخ 18 و25 شباط” اي قبل بدء سريان مفعول القرار 1277 في الأوّل من آذار.
وهنا، يجزم المدير الإداري في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أسامة زهيري أنّ وزير العمل أصرّ أن يُعمل بالقرار فور صدوره أي تاريخ الجلسة في 8 شباط وليس في 1 آذار لأنّ القرار لم يلحظ تاريخًا لبدء سريانه لذلك شمل هاتين المستخدمتين، نافيًا وجود محسوبيات.
وإذ لا ينفي زهيري في حديثه لموقع mtv أحقّية مطلب متقاعدي الضمان، يؤكّد أنّه سبق والتقى عدداً من المتقاعدين وأبلغهم عن مسعى لتحسين تعويضاتهم. ويقول: “ندرس الكتب التي حوّلها المدير العام على أن نرفعها لاحقًا إلى مجلس الإدارة ليبتّ بها، فليس هناك ما يسمّى بالمفعول الرجعي”.
ويعتبر زهيري أنّ متقاعدي الضمان أصحاب حق وقد ظُلموا بهذا القرار. وردًّا على سؤال حول كيفية رفع هذا الظلم، يجيب: “على مجلس الإدارة اتخاذ قرار بهذا الصدد وأي قرار سيُتخذ سيكون على حساب النفقات الإدارية والتأكّد من توفر الاعتمادات، إذا لا يمكن المسّ بصندوق التعويضات”.
ويشدّد زهيري على ضرورة إنصاف زملائه “الذين فنوا عمرهم في خدمة المؤسسة والناس”، واعدًا بـ”إعادة النظر في التعويضات إنطلاقًا من قناعة المدير العام ومجلس الإدارة مع الأخذ في الاعتبار وضع الضمان المالي”. ويستطرد قائلًا: “كان من المفترض أن يكون تعويضي بحدود 450 ألف دولار لولا الأزمة، والقرار 1277 أنصفنا قليلًا إذ سأحصل على تعويض يساوي 40 ألف دولار اليوم، في حين أنّه لو لم يصدر هذا القانون لحصلت على 11 ألف دولار فقط بعد 40 سنة خدمة”.
سيتظاهر متقاعدو الضمان مرّة جديدة غدًا للمطالبة بحقهم أمام المركز الأساسي للضمان في كورنيش المزرعة. وتؤكّد حاج أنّه يمكن التعويض عليهم من خلال أموال صندوق الضمان “فكيف تتوفر الأموال لإعطاء من سيتقاعدون بعد الأوّل من آذار 2024 ولا تتوفّر للذين تقاعدوا قبل هذا التاريخ؟”، وتردف: “الموضوع يقف عند حسن النيّات بالتعاطي مع هذا الملف”.
ويبقى السؤال، على أي أساس قرّر مجلس الإدارة في الصندوق الوطني للضمان اتخاذ القرار 1277 وحرمان عدد كبير من المتقاعدين من حقهم في تعويض يليق بسنوات خدمتهم؟
حتى وإن افترضنا حسن النيّات، سيبقى هناك متقاعدون بسمنة وآخرون بزيت.