كتبت إيسامار لطيف في موقع mtv:
بعد خدمة “ديليفري” الحشيشة خلال مدّة الحجر الصحيّ، مروراً بالدعارة الـ”أونلاين”، ها نحن نواجه موسماً جديداً من مسلسل “الإنترنت المظلم”، بعدما باتت تلاحقنا أخبار شبكة الإتجار بالأطفال منذ أسابيع، ليقع أخيراً رجل اللاقانون المحامي خالد مرعب في قبضة الأمن، بعدما تردّد مراراً إلى مركز الجرائم المعلوماتية في عين الرمانة بهدف رؤية بعض الموقوفين، أو بمعنى آخر ليُلقنهم ما عليهم الإدلاء به ليحفظ ماء وجهه أمام الرأي العام والقضاء، وفق معلومات موقع mtv.
وفقاً لمعلومات حصل عليها موقع mtv أيضاً، بدأت الشبكة عملها غير القانوني بشخصَيْن، وبعد مرور سنة تقريباً ارتفع عدد المتابعين على منصة “تيك توك”، وقتها قرّر (ج.م.) إشباع ميوله الجنسيّة عبر التواصل مع رجال وإقامة علاقات جنسيّة معهم في شقّته. وبعد فترة، وسّع المؤثر الشهير نشاطه، وراح يوظف أطفالاً من الجنسيّة السوريّة لتأمين زبائنه “على عينك يا تاجر”.
ولأن المتابعين هم السلاح الأقوى بيد أيّ مؤثر، حاول صاحب مقولة “بتشرب شي؟” استدراج بقيّة أفراد العصابة، قبل أن يكشف عن وجهه الحقيقي كمغتصب للأطفال دون الـ١٥ عاماً، مقابل مبالغ مادية تُدفع نقداً بعد الانتهاء من فعتله إمّا للطفل مباشرة أو لمَن يُدبّره. وعلى وقع هذه الحادثة، باشرت القوى الأمنية توقيفاتها التي شملت أكثر من ٢٠ شخصاً، مع العلم أنّ الموقوفين ليسوا جميعاً معنيين بالجرم، إذْ ثمة أبرياء بينهم، يقتصر دورهم على ممارسة الجنس مع رجال يتمّ التواصل معهم إلكترونياً، أمّا عملية الدفع في هذه الحالة فتتمّ عبر أحد مراكز التحويل المالي.
على مرّ السنوات الماضية، أثبتت التجارب خطورة سوء التعامل مع منصة “تيك توك” من دون غيرها، خصوصاً بعدما شهدت نزوحاً كبيراً من المستخدمين تجاهها، وهذا دليل على عدم وجود ثقافة كافية للتعامل مع الإنترنت عموماً في عالمنا العربي، ولعلّ محرّكات البحث التي تؤكّد نتائجها تركيز غالبية المستخدمين على “الجنس” وكلّ ما يتعلّق به، أكبر إثباتٍ على ذلك.
مع بداية طفرة الـ”تيك توك”، كنت لا أزال طالبة في السنة الأخيرة من الماجستير، يومها طلبَ منا أحد الأساتذة تحميل التطبيق وتصفح محتواه وإعداد تقرير مفصّل لتقديمه أمام الزملاء، شرط أن يكون المحتوى تعليمياً وتثقيفياً. بعد أسبوع عدت إلى الجامعة، وأخبرت أستاذي بأن محتوى المنصة بشكل عام “خفيف” ولا يستحقّ الحديث عنه أساساً، بحيث إنّه ليس سوى منبر لتفجير العقد النفسيّة والكبت الجنسيّ والطيش الاجتماعي، برأيي.
حتّى اليوم، لم يتغيّر رأيي أبداً، ولم أحمّل التطبيق حتّى، قناعةً منّي بمحتواه الهابط الذي لا يتماشى مع ثقافتي. ولكنّي في كلّ مرة أعود لأطرح على نفسي السؤال ذاته، مَن يحمينا من هذا التلوّث الثقافي، والاجتماعيّ والإنسانيّ الذي نعيشه بسبب غياب الرقابة الإلكترونيّة؟ ومَن سيُعيد لهؤلاء الأطفال براءتهم بعد كلّ هذه الضجّة التي حصلت؟