كتب العميد المتقاعد دانيال الحداد في “أخبار اليوم”:
بعد زيارة وفد صندوق الدولي، برئاسة أرنستو راميريز، إلى لبنان ، وتأكّده من استحالة موافقة المجلس النيابي وجميع الفاعليات السياسية والاقتصادية على شطب الودائع وفق خطة الصندوق، برزت أفكار جديدة محورها جدولة تسديد الودائع لمدّة طويلة.
فمن جهة أولى، لا تتوافر الأموال الكافية للتسديد الفوري، ومن جهة ثانية لا يمكن لأيّ سلطة رسمية تحمّل وزر شطب الودائع، خصوصاً بعد الخسائر الجسيمة التي طاولت هذه الودائع منذ اندلاع الأزمة في العام ٢٠١٩ وحتى اليوم، سواء في ما يتعلق بالهيركات القاسي على السحوبات عبر تعاميم مصرف لبنان أو في ما يتعلق بحجزها في المصارف وفقدان قيمتها الشرائية، بفعل التضخّم العالمي، وعدم إمكان تسجيل فوائد عليها لعشرات السنوات في أيّ خطة تطرح لمعالجة أوضاع المصارف.
من الأفكار المطروحة الأقرب إلى التطبيق، جدولة تسديد هذا الودائع خلال فترات متفاوتة، وتقوم في خطوطها العريضة على ما يلي:
– اعتماد مبدأ العميل الواحد في جميع المصارف، أي اعتبار مجموع أرصدة المودع الواحد في جميع المصارف كرصيد واحد.
– حسم نسبة ٢٠٪ من الودائع المدولرة قبل ١٧ تشرين ٢٠١٩،، ونسبة ٤٠٪ من الودائع المدولرة بعد هذا التاريخ كبدل مخاطر مصرفية، وهذا ما يكفل تراجع كتلة الودائع من ٨٨ مليار دولار الى ٦٠ مليار دولار.
– حسم جزء إضافي من الودائع التي لا تزال في المصارف، من حسابات الأشخاص الذين استطاعوا تحويل قسم من ودائعهم إلى الخارج بعد ١٧ / ١٠ / ٢٠١٩ تعادل ٢٥ ٪ على الأقل من الأموال المحوّلة، وتطبيق القاعدة نفسها على الأشخاص الذين سددوا قروضهم المدولرة للمصارف بالليرة على سعر أقل من سعر السوق، وهذا ما يؤدي إلى انخفاض كتلة الودائع إلى نحو ٥٥ مليار دولار.
– تحويل المبالغ التي تزيد عن ٣ ملايين دولار من رصيد العميل الواحد وبالمناصفة إلى أسهم في المصارف على قاعدة النسبية بينها وإلى سندات في صندوق سيادي يموّل من ضرائب خاصة واستثمار بعض ممتلكات الدولة، وهذا ما يؤدي أيضاً إلى انخفاض كتلة الودائع إلى نحو ٣٥ مليار دولار.
– البدء بتسديد الودائع المتبقية أي ال٣٥ مليار دولار من قبل المصرف المركزي والدولة والمصارف، كلّ وفق نسبة مسؤولية معينة يتمّ التوافق عليها، وتحدد قيمة التسديد السنوية بنسبة ٥٪ من الوديعة، على ألاّ تقل عن ٣٠٠ دولار شهرياً ولا تزيد عن ٢٥٠٠ دولار شهرياً.
– السماح للمودعين بتسديد بعض الضرائب والرسوم من ودائعهم على سعر السوق كجزء من مسؤولية الدولة، ما يسهم مستقبلاً في خفض كتلة الودائع أكثر.
– يتولّى القضاء المختص على حدة التحقيق في الودائع غير المشروعة، من دون إدخال هذا التحقيق في صلب الخطة تسهيلاً لتنفيذها وعدم عرقلتها، على أن تعود الأموال المحصّلة تباعاً لمصلحة المودعين.
إن أهمية هذا الاقتراح تكمن في تقنيته السهلة والواضحة بعيداً عن التعقيدات التي حالت ولا تزال دون التوافق على أيّ خطة، كما في توزيع الخسائر بصورة عادلة نسبياً، وقدرة جميع الأطراف الالتزام بها مادياً.
ختاماً يبقى القول إنه في الأزمات الكبرى لا بدّ من اعتماد الحل الوسط، وعلى قاعدة المثل الشهير : إذا كان لا بدّ من الخسارة فالذكاء أن تعرف كيف تضع حدّاً لها.
المصدر: mtv