كتبت صحيفة “البناء” تقول:
منذ سحب دلع أموس هوكشتاين من التداول وتأكيد زيارته لبيروت بعكس التلويح الضاغط على بيروت للحصول على تنازلات بأن الزيارة لن تتم، بدا أن محرّكات الزيارة نحو التوصل إلى اتفاق يحكمها وضع إسرائيلي يبدو منهكاً من مواصلة الحرب، وقد بدأت تتخذ اتجاهات دراماتيكية في البرّ مع الفشل المتراكم لفرق جيش الاحتلال في إحداث خرق في الجبهة والتثبيت في مواقع يتمّ الوصول إليها، حيث يبدو جيش الاحتلال قد فقد الروح القتالية وبات عاجزاً عن الحفاظ على تماسك قواته في الخطوط الأماميّة، بينما على مستوى التوازن الناري فقد حدث تحوّل دراماتيكي آخر تمثل باستهداف المقاومة عمق تل أبيب بصاروخ بالستي موجّه ودقيق فشلت الدفاعات الجوية بالتعامل معه، ما فتح الباب لتساؤلات بحجم ماذا لو بدأ هطول الأمطار الصاروخيّة من لبنان على عمق الكيان؟
جاء مسار التفاوض مسانداً لهذا الاستنتاج، حيث لم يتمسّك هوكشتاين بصيغة اللجنة المشرفة على القرار 1701 وبدأ بالتراجع عن مشاركة ألمانيا وبريطانيا ثم قبل ربطها بنصوص القرار ومرجعيّته العائدة لمجلس الأمن الدوليّ، ومثلها فعل بالنسبة لنص حق الدفاع، وانتقل النقاش مع علي حمدان مستشار رئيس مجلس النواب نبيه بري في السفارة الأميركيّة في عوكر ليلاً، بوجود خط ساخن مفتوح مع تل أبيب يتمّ عبره نقل كل النقاش لرئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، حيث البحث بتفاصيل الانسحابات الحدوديّة والمناطق المتنازع عليها والصياغات المناسبة، ووقف الانتهاكات للأجواء والمياه اللبنانية، بعدما سحبت أيضاً مطالب حريّة التحرّك العسكريّ والأمنيّ للاحتلال ومعها مطالب تدويل الحدود اللبنانيّة السوريّة.
الوضع الميدانيّ عبّرت عنه بيانات غرف العمليات التي نشرتها المقاومة، والتي تشير الى انسحابات بالجملة من محاور شمع وطير حرفا في القطاع الغربي، ومثلها في جبهة الخيام وجبهة بنت جبيل، وسط تداول المواقع الإلكترونيّة في الكيان لمعلومات عن هروب جنود من الجبهات الأماميّة بالعشرات، وامتناع جنود وضباط الاحتياط عن تلبية دعوات الالتحاق والتعبئة.
تبذل مساعٍ دوليّة حثيثة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وأعلنت الخارجية الأميركية، أننا «حققنا تقدماً بشأن وقف إطلاق النار في لبنان لكن لا يمكن التنبؤ بموعد التوصل لاتفاق». وأشارت إلى أننا «نريد رؤية تطبيق كامل للقرار الأممي 1701». وأكدت أننا «سنواصل العمل مع لبنان و«إسرائيل» لتحقيق وقف لإطلاق النار يضمن عودة السكان على جانبي الحدود».
وأكدّ الموفد الأميركي إلى لبنان أموس هوكشتاين أمس، قبل أن يتوجه الى تل أبيب اليوم ثم الى باريس، أنّ “الحل أصبح قريباً”. وأشارت مصادر مطلعة على أجواء التفاوض أن “هناك جدية واضحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”، ولفتت إلى أن هوكشتاين التقى مساء أمس، في السفارة الأميركية مستشار الرئيس نبيه بري علي حمدان، استكمالاً للقاء الأول مع رئيس المجلس حيث ناقشا في أهمية تأكيد الالتزام بالقرار 1701 وتطبيقه جدياً فضلاً عن أنهما عملا على صياغة البند المتعلق بلجنة المراقبة للقرار وكيفية إشراك الأميركي والفرنسي فيها. وكان الرئيس بري توقف عند بعض المصطلحات التي تتعلّق ببند الاتفاق على ترسيم الحدود بين لبنان و”إسرائيل” رافضاً أي ترسيم جديد للحدود التي هي مرسّمة دولياً. واعتبر أن هناك مصطلحات ملتبسة لا بدّ أن تتوضّح.
وكان هوكشتاين استهلّ جولته من عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري لأكثر من ساعتين. وقال هوكشتاين: الاجتماع كان بناء ومفيداً للغاية وعدت لأن أمامنا فرصة حقيقية للوصول الى نهاية النزاع والقرار يبقى قرار الأفرقاء، والحل أصبح قريباً من أيدينا وهناك نافذة ولا أريد التفاوض في العلن. أضاف: كانت نقاشات لتضييق الخلافات ومستمرّون بها.
بعدها، استقبل رئيس الحكومة الموفد الرئاسي الأميركي في دارته، في حضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب وسفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون. وفي خلال الاجتماع، جدد ميقاتي التأكيد على أن “الأولوية لدى الحكومة هي وقف إطلاق النار والعدوان على لبنان وحفظ السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية كافة، وكل ما يحقق هذا الهدف له الأولوية”. وأشار إلى أنّ “الهم الأساس لدى الحكومة هو عودة النازحين سريعاً إلى قراهم وبلداتهم ووقف حرب الإبادة الإسرائيلية والتدمير العبثي الحاصل للبلدات اللبنانية”. وشدّد على “تطبيق القرارات الدولية الواضحة، وتعزيز سلطة الجيش في الجنوب”. ومن بيروت انتقل إلى اليرزة للقاء قائد الجيش العماد جوزيف عون.
ليس بعيداً، أعلن عن كلمة للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عصر أمس، قبل أن يتم إرجاؤها الى وقت يحدّد لاحقاً. وأوضح نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي أنه لظروف أمنية أجل الشيخ نعيم قاسم كلمته التي كانت مقرّرة اليوم. وأكد: “لن نسمح للعدو أن يصل إلى النقاط التي حاول سابقا الوصول إليها، وعندما يريد العدو إيلامنا في عاصمتنا فسنؤلمه في عاصمته، وأعلن أن الرئيس نبيه بري يواجه مهمة صعبة ومعقدة، لكنه يتحلى بالكفاءة اللازمة”، وقال: “نحن نقف أمام ركنين بمواجهة أميركا و”إسرائيل” المدعومتين من العالم، وأعلنا من جهتنا مرات عدة أننا لن نتحدث بشأن أي بند في المفاوضات ولن ندلي بأي معلومة بشأن المفاوضات لأن هذا يضر بالمفاوض اللبناني، ولا نتوقع من هذا العدو أن يكون شفافا أو صادقاً”.
ودعا النائب نعمت افرام من بكركي إلى إعلان البنود في ورقة الاتفاق في مجلس النواب، قائلًا: “من المهم أن يكون وقف إطلاق النار طويل الأمد وإنهاء الحروب”.
واستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي السفير السعودي وليد بخاري.
واستقبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل السفير المصري علاء موسى، وتناول البحث العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان ومسألة وقف النار. كما كان تشديد على أهميّة إجراء الاستحقاق الرئاسي.
واستقبل وزير الخارجية عبدالله بوحبيب سفير روسيا لدى لبنان الكسندر روداكوف وجرى عرض لمستجدات الأوضاع الميدانية وللمساعي الدبلوماسية الجارية لوقف إطلاق النار في لبنان، وقضايا تتعلق بعمل الأمم المتحدة واللجان التابعة لها، إضافة الى آخر تطورات الأوضاع في أوكرانيا.
وفيما تجري المفاوضات تحت النار، أعلن “حزب الله” أنه شنّ “هجوماً جويًا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة النوعيّة على نقاط عسكريّة حساسة في مدينة تل أبيب”. وقال: شنّينا هجوماً جوياً بسرب من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة رامات ديفيد جنوب شرق حيفا وأصابت أهدافها بدقة. وأعلن انه استهدف “محلقة إسرائيلية في أجواء بلدة الطيبة، بالأسلحة المناسبة، وتم إسقاطها في المنطقة”، واستهدف “تجمعاً لقوّات جيش العدو جنوبي مدينة الخيام بصلية صاروخيّة نوعية”، و”تجمعاً لقوّات جيش العدو عند الأطراف الجنوبية لبلدة البياضة بصلية صاروخيّة”، وأيضاً “تجمعاً لقوّات جيش العدو عند الأطراف الجنوبية لبلدة شمع بقذائف المدفعيّة”. واستهدف “منزلاً يتحصّن فيه جنود جيش العدو عند الأطراف الشمالية لبلدة مارون الراس بصاروخٍ موجّه وأوقعهم بين قتيل وجريح”. وقال: استهدفنا قاعدة غليلوت (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200) في ضواحي تل أبيب بصلية من الصواريخ النوعية. وأعلن “أننا شنَّينا هجومًا جويًا بسربٍ من المسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة بيت ليد (قاعدة عسكريّة تحوي معسكرات تدريب) تبعد عن الحدود 90 كلم شرق مدينة نتانيا وأصابت أهدافها بدقة”. واستهدف “قاعدة تدريب للواء المظليين في مستوطنة كرمئيل، بصليةٍ صاروخيّة”. كما استهدف “مدينة صفد المُحتلّة، بصليةٍ صاروخيّة”. وأعلن الحزب استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في المنارة شمالي “إسرائيل” برشقة صاروخية. واستهدف “تجمعًا لقوات العدو في مستوطنة أفيفيم” و”طائرة مسيّرة إسرائيليّة من نوع “هرمز 450” في أجواء بلدة الطيبة بصاروخ أرض – جو وتم إسقاطها و”شوهدت تحترق”. كذلك، استهدف تجمعًا لقوات الجيش الإسرائيلي جنوبي بلدة الخيام للمرّة الخامسة، وفي مستوطنة مرغليوت للمرّة الثانية، بصليةٍ صاروخية، وأيضاً قاعدة تل حاييم (تتبع لشعبة الاستخبارات العسكرية في جيش العدو الإسرائيلي)، تبعد عن الحدود اللبنانية الفلسطينية 120 كلم، في مدينة تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعيّة، وسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية، وأصابت أهدافها بدقّة.
واعلن جيش العدو الإسرائيلي مقتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة خلال الاشتباكات داخل الأراضي اللبنانية. وأوضح الجيش أن القتيل والجريحين ينتمون إلى لواء غولاني، حيث قتلوا خلال مواجهات مع عناصر حزب الله. وبذلك، ارتفع عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي إلى 49 منذ بدء الهجوم البري مطلع تشرين الأوّل. وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن طائرة مسيّرة انقضاضيّة هاجمت الجنود. ونقل موقع سروغيم الإسرائيليّ عن الجيش قوله إن حزب الله أطلق طائرة مسيّرة باتجاه قوّة كانت ضمن الفريق القتالي للكتيبة 53، الّتي كانت تحت قيادة الفريق القتالي للواء غولاني والفرقة 36. وذكرت تقارير إسرائيلية أن ألف عسكري إسرائيلي أصيبوا منذ بدء الهجوم البري على جنوب لبنان.
وشنّ الطيران الإسرائيلي المعادي، غارة على منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية من دون سابق إنذار. وأعلنت طوارئ الصحة عن سقوط شهيدين. وجنوباً شنّت الطائرات الإسرائيليّة سلسلة غارات واسعة النطاق استهدفت بلدات جنوبيّة عدّة، أبرزها قانا، البازورية، الغازية وصور، ما أسفر عن تدمير واسع للبنى التحتية ومقتل وإصابة العشرات. في قانا، استهدفت الغارات مركزًا للهيئة الصحية الإسلامية، ما أدى إلى استشهاد اثنين من العاملين. وفي بلدة معركة، أسفرت الغارات عن استشهاد ثلاثة أشخاص.
كما استهدفت الغارات مناطق مدنية ومرافق حيوية في بلدة عدلون، حيث دُمّر مبنى من ثلاث طبقات، وأصيب سبعة أشخاص بجروح. وفي بلدة يحمر الشقيف، تعرّضت المنطقة لقصف مدفعي عنيف وقنابل إنارة، فيما شنّت الطائرات الحربيّة غارات منتصف الليل. واستمرّ القصف المدفعي الإسرائيلي حتى ساعات الصباح على أطراف بلدات القليعة وبرج الملوك وجديدة مرجعيون. فيما تتواصل أعمال الإغاثة وسط ارتفاع عدد الضحايا. وأفادت فرق الدفاع المدنيّ أنّها تعمل على انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض، خصوصاً في بلدات معركة وصور وقانا. وتشير الحصيلة الأوليّة إلى سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى في حي البص في مدينة صور بعد استهداف أحد المباني. من جهة أخرى، استهدفت غارتان إسرائيليتان بلدتي لبايا وزلايا في البقاع الغربي، كما استهدفت غارة إسرائيلية بلدة يونين. أيضاً شنّت الطائرات الإسرائيليّة غارة عنيفة جدّاً استهدفت مفرق بلدة شعث البقاعيّة. وأعلن رئيس خلية الأزمة في بلدة الصرفند، علي خليفة، أن جيش العدو الإسرائيلي استهدف الجيش اللّبنانيّ في البلدة، ما أدّى إلى استشهاد ثلاثة من عناصر الجيش اللبناني وإصابة ثمانية أشخاص، بينهم مدنيون”.
إلى ذلك، تعرّضت قوات حفظ السّلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) لثلاث هجمات منفصلة في جنوب لبنان، ما أدّى إلى إصابة أربعة جنود غانيين بصاروخ استهدف قاعدة شرقي بلدة رامية. وأعلنت اليونيفيل أن أحد الصواريخ أصاب قاعدتها «UNP 5-42»، ونُقل ثلاثة جنود مصابين إلى مستشفى في صور لتلقي العلاج. كما تعرّض مقرّ القطاع الغربي لقوات اليونيفيل في بلدة شمع لقصف بخمسة صواريخ، ألحق أضرارًا جسيمة بورشة الصيانة دون وقوع إصابات.
وفي حادث منفصل، تعرّضت دورية تابعة لليونيفيل لإطلاق نار مباشر شمال شرق قرية خربة سلم، من دون تسجيل إصابات. وأكدت البعثة أنها فتحت تحقيقًا في جميع هذه الحوادث وأبلغت الجيش اللبناني بها. وشدّدت اليونيفيل في بيانها على ضرورة احترام حرمة قواتها ومبانيها، محذّرة من أن الهجمات ضدها تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والقرار 1701.
وعلى محور بلدات شمع، طيرحرفا، والبياضة، تدور معارك متقطعة بين عناصر حزب الله والجيش الإسرائيلي. وأفادت تقارير ميدانيّة بأن القوات الإسرائيلية استخدمت القذائف الفوسفورية لاستهداف أطراف بلدات زبقين والقليلة في محاولة للتقدّم باتجاه البياضة. كما قصف الطيران الحربي بلدات جزين ومحيط نهر الليطاني، في وقت استمرّ فيه التحليق المكثف للطيران الإسرائيلي فوق القطاعين الغربي والأوسط.
وسط هذه الأجواء، وجّه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي رسالة شفوية إلى الشعب اللبناني، قائلاً إننا “لسنا منفصلين عنكم. نحن معكم. نحن وأنتم واحد”. وأتت هذه الرسالة، رداً على رسالة من السيد ميثم مطيعي، الذي كان قد سافر إلى لبنان مع مجموعة من الناشطين ضمن حملة “إيران متضامنة”، لتوزيع مساعدات الشعب الإيراني على الشعب اللبناني.