كتبت صحيفة “الديار” تقول:
في بيروت ضياع وصل الى الرياض، ترجمته مواقف رئاسية وسياسية بلغت حد التناقض، في ما خص التسوية المطروحة وشكلها وموعدها. وفي تل ابيب، تقاسم للادوار، تساهم فيه واشنطن، بين بث للاخبار الايجابية عن قرب التوصل الى وقف لاطلاق النار، توازيا مع اقرار خطة توسيع العمليات العسكرية البرية البحرية والجوية، بالتنسيق مع القيادة العسكرية الاميركية، لاستكمال اهداف العدوان.
اوساط سياسية لبنانية، اكدت، انه رغم صعوبة التواصل مع قيادة حزب الله الا ان الموقف اللبناني واضح وقد عبر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اكد على الثوابت التالية وفق اولويات، وقف اطلاق النار، تنفيذ القرار 1701، دون اي تعديلات، وفقا للقراءة اللبنانية، نشر الجيش في الجنوب، مع مراعاة الا تحقق اي تسوية أو حل مصلحة إسرائيل على حساب لبنان وسيادته، تاركا لنفسه هامشا للتفاوض حول ملف رئاسة الجمهورية.
قراءة رات فيها المصادر ديبلوماسية، ان التعقيدات تبقى حول البحث في آلية التطبيق ومن يضمن عدم تكرار تجربة العام 2006، حيث بقي الاتفاق دون تنفيذ.
وتابعت المصادر، بان «اسرائيل» لن تقبل ان يعيد الحزب تجميع نفسه، وهو ما توافق عليه واشنطن، وهو ما يتطلب برأي هذه المصادر بالضرورة أن يقوم لبنان بتطبيق سيادته على حدوده وعلى أراضيه، ومن ضمنها ضبط الحدود بالكامل.
وختمت المصادر بان التقارير الاستخباراتية والمعلومات التي تبلغتها واشنطن من تل ابيب تؤكد ان الجيش الاسرائيلي يعد لاطلاق عملية برية وشيكة، في سياق خطة التصعيد العسكري التي وافقت عليها القيادة الاميركية، في إطار استكمال المعركة التي بدأها ضدّ حزب الله خصوصاً أن ثمة قناعة بأنّ العمل العسكري في المرحلة السابقة ورغم أهميته لم يؤد إلى هزيمة الحزب، بل الى تحقيق انتصارات للمقاومة في الميدان، في وقت المطلوب تحقيق انتصار استراتيجي.
وبالفعل فقد اعلنت تل ابيب مع ساعات المساء ان «الفرقة 36، باشرت تنفيذ عملياتها على خط التماس الثاني لحزب الله، بهدف إزالة صواريخ حزب الله من المنطقة، وكذلك الضغط على الحزب في كل ما يتعلق بالمفاوضات السياسية للتسوية في لبنان تزامنا مع تنفيذ عمليات في عمق لبنان، وضرب مستودعات الذخيرة في العاصمة، وكذلك في جبل لبنان».
جنبلاط في عين التينة
هذه الاجواء السوداوية تقاطعت مع ما كان اعلنه رئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط من انه لم يسمع شيئا عن ان الحرب الطويلة ستتوقف، باستثناء بعض الشائعات عن وجود مفاوضات. وقد زار عين التينى على رأس وفد، ضم النائبين وائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن، المكلف متابعة «الملف الامني»، أمين السر العام في «التقدمي» ظافر ناصر، حيث جرى البحث ايضا حول بعض الحوادث التي تشهدها قرى الجبل بين الاهالي والنازحين، والمعالجات الجارية، كما تم بحث اقتراح القانون المعجل المكرر لكتلة «التوافق الوطني» ، الرامي إلى تمديد سن التقاعد للعسكريين في مختلف القوات المسلحة لمدة سنتين.
السراي-حارة حريك
ومع اتجاه الوضع الداخلي الى مزيد من الفرز السياسي، واللهجة الحادة المستعملة من الفريقين في لبنان، اذ من جهة ٨ آذار يتضمن ذلك توجيه السلام الى بعض الدول الخليجية، يلوح في الافق «مشروع مشكل» جديد بين السراي وحارة حريك، بعدما ختم سوء فهم المرة الماضية «على زغل»، بعد المواقف الحادة والغمز والهمس، الصادرة عن رئيس حكومة تصريف الاعمال من الرياض، خلال لقائه الجالية اللبنانية في السعودية على هامش القمة العربية – الاسلامية.
باسيل
من جهته، تابع رئيس التيار الوطني الحر عملية اعادة تموضعه، حيث قال في كلمة له بعد اجتماع المجلس السياسي ان « القرار 1701 والاستراتيجية الدفاعية يلتقيان لا بل يتطابقان ويكملان بعضهما: الأوّل على المستوى الدولي بين لبنان واسرائيل والمجتمع الدولي والثاني على المستوى الداخلي بين اللبنانيين»، مؤكدا ان «الحل الوحيد المتاح لوقف الحرب هو تطبيق الـ 1701 بمرحلتيه الأولى وهي وقف الاعمال القتالية، والثانية وهي الوقف الكامل لاطلاق النار وايجاد حل دائم، من خلال تطبيق القرارات الدولية واحترام اتفاقية الهدنة والالتزام باتفاق الطائف وكلّ هذه المواد واردة في متن القرار 1701، وهنا نأتي الى الاستراتيجية الدفاعية»، موضحا أن «الاستراتيجية الدفاعية تكون نتيجة تفاهم وطني لبناني على معالجة مسألة السلاح بما يحفظ الوحدة الوطنية ويعيد للبنان حقوقه ويعطيه قدرة الدفاع وحماية نفسه تحت قيادة الدولة وليس من خلال نزاع وطني لنزع السلاح بالقوة».
وجزم بأن «لا خيار آخر عما سبق الاّ اذا كان البعض يريد المغامرات المجنونة والرهانات الخاسرة التي لا تأتي سوى بالانقسامات والحروب وضياع الدولة والوطن مجدداً كما حصل في حروب 75 – 90، لنأتي بعدها بتسوية وطنية لا نعرف ماهيّتها ولا تكلفتها»، وقال: «طبعاً الـ 1701 والاستراتيجية الدفاعية لا يكفيان: هما الأساس، لكن ليكون الحل مستداماً يجب تأمين تفاهم دولي وداخلي لتسليح الجيش وتحييد لبنان عن المحاور، على ان يكون ذلك مصحوبا بضمانات بمنع اسرائيل من الاعتداء على لبنان… هكذا يكون الوقف الدائم للحرب، امّا السلام الدائم فأمر آخر».
الميدانيات
وامس حمل معه تصعيدا عسكريا اسرائيليا قويا حيث استهدفت الغارات المنطقة الواقعة بين حارة حريك وبئر العبد ما تسبب بتدمير مجمع زين الطبي، ومحيط مجمع السيدة زينب في حارة حريك، ومنطقة الحدت – الجاموس، ومنطقة واقعة بين حارة حريك والغبيري. ودمرت الغارات مباني كبيرة ومبنى «حرقوص تشكن». واستهدفت غارة منطقة الحدث قرب الميكانيك وأخرى حي الاميركان -الحدت، واستهدفت الغارات الليلكي ومحيط المريجة واوتوستراد هادي نصرالله. وبلغ عدد الغارات الـ 13.
كذلك شن الطيران الحربي الاسرائيلي بعد الظهر غارة على المنطقة الواقعة بين بعلشميه وضهور العبادية – فوق جسر بعلشميه – الطريق الدولية في قضاء عاليه. واستهدفت الغارة منزلا متسببة بمقتل خمسة اشخاص واصابة اثنين بجروح. وكان واصل الجيش الاسرائيلي عملياته في الجنوب والبقاع ملحقا دمارا بالحجر واصابات بالارواح.
حزب الله
وفي اليوم ال51 من العدوان الإسرائيلي على لبنان، دكت المقاومة الإسلامية في لبنان القواعد العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في العمق المحتل بصليات صاروخية. وقامت المقاومة الإسلامية في لبنان اليوم باستهداف قاعدة تل نوف الجوية جنوب تل أبيب بسلسلة من الصواريخ النوعية، وقد أكدت المقاومة أن الصواريخ أصابت أهدافها بدقة. نتيجة لهذا القصف الصاروخي العنيف على تل أبيب، توقفت الملاحة في مطار بن غوريون لساعات، ولم تتمكن الطائرات من الهبوط، حيث بقيت في الجو لفترة طويلة قبل أن يُعاد توجيهها إلى مطارات أخرى داخل فلسطين المحتلة أو إلى مطارات في قبرص. كما شنّت المقاومة هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على القواعد العسكرية، وأصابت أهدافها بدقّة. كما وجهت المقاومة ضربات نوعية ضد تجمعات جنود الاحتلال عند الحدود مع لبنان. وعرض اعلام العدو مشاهد للأضرار التي سببتها صواريخ المقاومة في المنطقة. كذلك، وجّهت المقاومة الإسلامية تحذيرات لعددٍ من مستوطنات الشمال، حيث أعلن «حزب الله» عن استهداف مستوطنة كفر بلوم بصليةٍ صاروخية. واعلن «حزب الله» «اننا تصدينا لمسيّرة إسرائيلية من نوع هرمز 450 في أجواء النبطية وأجبرناها على مغادرة الأجواء اللبنانية». واستهدف مستوطنتي كفر بلوم كفر يوفال بصليتين صاروخيتين. وتصدى لمسيرة إسرائيلية «هرمز 450 في أجواء القطاع الغربي وأجبرها على مغادرة الأجواء». واستهدف مستوطنة ديشون بصليةٍ صاروخية. وقد اشارت يسرائيل هيوم الى تحطم مسيّرة أطلقت من لبنان على مدرسة في جيشر هزيف شمال نهاريا.
الفيول من جديد
حياتيا عادت مسالة الكهرباء الى الواجهة، مع اعلان وزير الطاقة ان «الشحنة الموجودة من الفيول تكفي أسبوعين»، آملاً في عودة العراق إلى تزويد لبنان بشحنات الفيول في ظل الظروف التي يمرّ بها، وهو ما بحثه رئيس حكومة تصريف الاعمال مع نظيره العراقي على هامش قمة الرياض، حيث يدور الحديث عن بلوغ حجم الدين اللبناني للعراق حوالى مليار دولار، في وقت تشير فيه التقديرات الأوّلية، ال ان أضرار قطاع الكهرباء جراء القصف الإسرائيلي بلغت قيمتها حوالى 450 مليون دولار، في وقت بلغت فيه نسبة الجباية «صفرا» في اكثر من 50% من الاراضي اللبنانية، ما يطرح تحديا كبيرا امام شركة كهرباء لبنان للفترة القادمة.
الاعمار
واذا كانت ازمة الطاقة بدأت تطل براسها، فان المشكلة الكبرى، في حال التوصل الى وقف لاطلاق النار، تكمن في عملية اعادة الاعمار، التي كشف احد التقارير غير الرسمية ان كلفتها حتى الساعة على صعيد الوحدات السكنية حصرا، تبلغ حوالى 4 مليار و200 مليون دولار، بمعدل 70000 دولار للوحدة السكنية، وهو مبلغ يفوق قدرة وامكانات الدولة اللبنانية.
يضاف الى ذلك ان الخطة التي كانت وضعت للاستعانة ببيوت جاهزة لاسكان النازحين مع توقف الاعمال العسكرية، قد «طارت»، لسببين، الاول، تراجع الممول عن دفع التكاليف، التي تبلغ 5 آلاف دولار للوحدة، والثاني، الخلاف الذي قام حول اماكن توزيعها المناطقية، والحساسيات التي قد تنتج من ذلك وسط المخاوف من الاحتكاك بالبيئات الاساسية لتلك المناطق.