كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
أدى تفعيل حالة التأهب للزلازل في شمال إسرائيل، يوم السبت الماضي، نتيجة تفجير الجيش الإسرائيلي أنفاقاً لـ«حزب الله» في بلدتي كفركلا والعديسة الحدوديّتين بالجنوب اللبناني، إلى خشية حقيقية من أن تؤدي أطنان المتفجرات التي تستخدمها تل أبيب؛ سواء في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، إلى وقوع هزات وزلازل في المدى المنظور.
وأفادت «وكالة الأنباء الألمانية»، السبت، بأن الجيش الإسرائيلي فجّر كمية من الذخيرة عن بعد، مما استدعى إصدار تحذير من زلزال بقوة 4.9 درجة على مقياس «ريختر» في شمال إسرائيل والجولان.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أنه «خلال عملية مشتركة مع وحدة (يهلوم) الهندسية، وأعمال تمشيط نفذت تحت الأرض، عثرت القوات على منشأة عسكرية استراتيجية تحت الأرض كان (حزب الله) أنشأها على مدار السنوات الـ15 الأخيرة، ودمرتها من خلال 400 طن من المتفجرات». وأوضح أن «النفق الذي يصل طوله إلى أكثر من كيلومتر ونصف استخدمه المخربون للمكوث لفترات طويلة، بالإضافة إلى احتوائه كثيراً من الوسائل القتالية؛ منها صواريخ مضادة للدروع، وقذائف صاروخية، وصواريخ (آر بي جيه)، وألغام، وعبوات ناسفة».
وأظهرت صور وفيديوهات جرى تناقلها سلسلة تفجيرات هائلة شهدتها المنطقة في الوقت نفسه.
وسبق هذه التفجيرات تفجيران كبيران ضربا الضاحية الجنوبية لبيروت، حين استُخدمت 85 قنبلة خارقة للتحصينات، تزن الواحدة منها ألفَي رطل، لاغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وقنابل يصل وزنها إلى 73 طناً لاغتيال رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين.
وكان لافتاً ما نشره أستاذ الجيولوجيا الإنشائية والزلازل والبترول، طوني نمر، عبر حسابه على منصة «إكس»؛ إذ عدّ أن «ما حدث في العديسة من تفجيرات متتالية ومهولة فعّلت أجهزة رصد الهزات الأرضية في الشمال الإسرائيلي»، منبهاً إلى أن هذا يعدّ «عبثاً بمقدرات الطبيعة إلى الشمال من منخفض الحولة، حيث ينفصل فالق البحر الميت إلى فالِقَي (اليمونة) و(روم)».
وأضاف: «إذا كان القرار في هذه الحرب هو عدم وجود محرّمات وضوابط في ما خص العمليات العسكرية، فينبغي الانتباه من قبل مشغلّي آلات الحرب الإسرائيلية إلى أن التفلت من الضوابط مع قوانين الطبيعة في الأماكن الخاطئة قد يؤدي إلى (احتثاث) زلازل لا يتوقف تأثيرها على حدود الدول».
إلا إن مديرة «مركز الجيوفيزياء» التابع لـ«المجلس الوطني للبحوث العلمية»، الدكتورة مارلين البراكس، طمأنت إلى أن «ما يحدث من تفجيرات لم يرفع احتمالات وقوع هزات وزلازل، باعتبار أن هذه التفجيرات الكبيرة أصلاً لا تحدث في أعماق كبيرة، وليست بالموقع نفسه، كما أن عددها محدود نسبياً»، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما نسجله لجهة حركة الهزات يأتي في إطار الوتيرة المعتادة».
وعن سبب تفعيل حالة التأهب للزلازل في شمال إسرائيل يوم السبت الماضي، تشير البراكس إلى أنه «لدى الإسرائيليين نظام إنذار مبكر للزلازل، بحيث إذا سُجّل ارتجاج أعلى من المعتاد، يشغّل الإنذار».
أما الاختصاصي في إدارة وطب الكوارث الدكتور جبران قرنعوني فأوضح أن «المتعارف عليه عالمياً أن الأنشطة البشرية، كالتعدين وبناء السدود والتنقيب عن النفط والغاز، أنشطة قد تؤدي إلى وقوع زلازل»، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن 4 عوامل قد تزيد احتمال أن تؤدي التفجيرات إلى حدوث زلزال؛ أبرزها: «نوعية الأرض وما إذا كانت صخرية أم ترابية، بوصف الصخرية أكثر تحملاً. وقوة التفجير. والعمق الذي توجد فيه المتفجرات. والموقع الذي يحدث فيه التفجير وما اذا كان موجوداً على صفائح متحركة».
ولفت قرنعوني إلى أنه «إذا تكررت التفجيرات نفسها في الموقع نفسه، فإن المخاطر تصبح أكبر»، مشيراً إلى أنها «قد تؤدي أيضاً إلى انهيار أبنية تصدعت بسبب القصف».