كتب داني حداد في موقع mtv:
لعلّ العبارة الأكثر دلالةً التي وردت على لسان النائب ألان عون في مقابلته التلفزيونيّة كانت تلك التي قال إنه توجّه بها الى الرئيس ميشال عون، في أحد لقاءاتهما الأخيرة: “أدّي بعد بدّك جثث ليكمل مشروع توريث صهرك؟ بكم واحد رح نضحّي بعد كرمالو؟”.
تحدّث عون بغصّة يوم الأحد. سيعقد النائب سيمون أبي رميا مؤتمراً صحفيّاً غداً الأربعاء. ويطلّ النائب ابراهيم كنعان في “صار الوقت” الخميس. ثلاثة رجال يحملون خيبات تراكمت لسنوات يعبّرون، قدر المستطاع، عمّا في قلوبهم من جراحٍ قد لا تندمل في وقتٍ قريب.
لن ندخل في ما قاله وسيقوله النوّاب الثلاثة، ومعهم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، لا دفاعاً عنهم ولا ذمّاً بهم. ولكن، لا بدّ من التوقّف باستغرابٍ كبير، أمام كمّ الحقد الذي تفجّر في وجوههم، خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تحوّلوا، بين ليلةٍ وضحاها، الى عملاء سفارات ومتآمرين وانقلابيّين وفاشلين…
قال بعض جمهور التيّار الوطني الحر في النوّاب الأربعة ما لم يقله في نوّاب الخصوم، كأنّ هؤلاء لم يكونوا يوماً جزءاً من هذا “التيّار”، وقدّموا له الكثير، ولوحق بعضهم، واضطرّ بعضهم الى الهجرة، وشارك بعضهم في تمويل “التيّار”…
سلوكٌ لا صلة له بالمسيحيّة، في تيّار كان شعاره الدفاع عن حقوق المسيحيّين. وما نفع المسيحيّين بوظيفةٍ أو منصبٍ إن فقدوا المحبّة في ما بينهم، فتراهم يحقدون، ويستقوون بغير المسيحيّين، حتى بلغوا ما بلغوه من فرقةٍ.
ويطرح الأمر سؤالاً حول رفض جمهور الأحزاب لمن يخرج من صفوفها، فتلاحقه تهم التخوين، ما قد يرغم كثيرين على “اللطي” في أحزابهم، ولو ما عادت تعبّر عن قناعاتهم.
ليست الحملة على النوّاب الأربعة عفويّة أبداً. هي صنيعة ماكينة منظّمة معروفة بالأسماء، تلاقيها مجموعة متحمّسة تناصر زعيمها، مخطئاً كان أم محقّاً، لا يهمّ. الزعيم دائماً على حقّ، ومن نحن لنناقشه أو نختلف معه في الرأي أو نضع ملاحظات عليه. قاعدة قد تنطبق على جماهير الأحزاب كلّها، إذ هي سريعة الذوبان في ما يقوله زعيمها، ورأيه يصبح فوراً رأيها، وحجّته حجّتها…
وعليه، فإنّ ما قاله وسيقوله النوّاب الأربعة لا يمكن أن يكون موجّهاً الى جمهور “التيّار” كلّه، بل الى من هو مستعدّ للتفكير والنقاش، ومن ليس بعد في خانة المستفيدين، ولا من فئة “المِنكيّين”، يحمل موروثاً من الماضي يأبى أن يتخلّى عنه.
ومن المؤكّد أنّ من تقبّل تقلّبات “التيّار” كلّها، بين من وجد في حزب الله الخطر الكبير ثمّ عقد معه التفاهم، وبين “بلطجيّة” نبيه بري الذي بات ضمانةً، والتجديد لرياض سلامة قبل الاستفادة من هندساته الماليّة ومن التوظيف، والحملة على المصارف بعد الاستفادة من تمويل مؤتمرات ورحلات خارجيّة، واتّهام تيّار المستقبل بالفساد ثمّ التسوية معه، والمصالحة مع القوّات اللبنانيّة ثمّ نبش القبور من جديد… من تقبّل ذلك كلّه وبقي صامتاً، مقتنعاً، بل مدافعاً، لن يغيّر رأيه عند سماع منطق النوّاب الأربعة.
على من يقرأ هؤلاء مزاميرهم إذاً؟ على أصحاب العقول. ربما رهانهم على ألا يكونوا قلّةً في “التيّار”.