هي حرب طويلة يخوضها العسكريون المتقاعدون مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي اختبر اللعب تحت الطاولة بكل ما يتصل بمطالب الطبقتين المتوسطة والفقيرة، معتمدا سياسة “فرق تسد” للانتصار على تلك المطالب وضرب أي حراك حاول التوجه نحو السرايا الحكومية مطالبا بحقوقه.
معركة العسكريين المتقاعدين مع رئيس الحكومة قد تكون مؤذية فيما لو أصر ميقاتي على تمرير الموازنة كما هي، يؤكد احد القيّمين على الحراك، مشيرا الى أن مطلع الاسبوع سيكون مفصليا وسيحدد الاتجاه الذي قد يسلكه العسكريون في حال وجدوا انفسهم امام حائط الشروط التي تضعها الحكومة في وجههم. ويؤكد مسؤول في حراك العسكريين أن قيادة الجيش معنية أيضا بمطالب العسكريين في الخدمة وقد دخلت على خط المطالب عبر الاجتماع الذي ترأسه قائد الجيش العماد جوزاف عون يوم الجمعة في اليرزة والذي أزال الملابسات التي حصلت بين حراك العسكريين ورابطة القدامى، حيث أكد الجميع أن المطلب واحد ولا يتغير سواء للعسكريين المتقاعدين أو الذين ما زالوا في الخدمة وهو رفع سقف الرواتب بما يتناسب مع الوضع المعيشي في البلاد، على أن نشهد هذا الاسبوع سلسلة لقاءات بين العسكريين من جهة ورئاسة الحكومة من جهة أخرى من أجل عرض المطالب وتقديم الحلول في الوقت نفسه.
ووضع حراك العسكريين تصورا أوليا سيتم عرضه على رئاسة الحكومة ووزارة المال والمعنيين بالموازنة يضم المطارح الضريبية التي يمكن لرئاسة مجلس الوزراء الاعتماد عليها لتغطية تكاليف زيادة الرواتب والاجور. وتأتي الضريبة على المقالع والكسارات والموضوعة بدراسة أعدتها قيادة الجيش على رأس تلك الحلول اضافة الى مطارح ضريبة أخرى كالضريبة على الاملاك البحرية وعلى المستفيدين من سياسة الدعم وصيرفة والهندسات المالية.
يُصر حراك العسكريين المتقاعدين على هذه المطارح الضريبية لتغطية تكاليف الزيادة على رواتبهم، مشيرين الى أنهم تلقوا وعودا منذ اشهر من قبل ميقاتي بإدراج سلسلة الرتب والرواتب في حزيران. مضى حزيران وبعده تموز وانتهى الصيف بوعود ميقاتية ترجمها في موازنة الـ 2025 والتي اعتبرها هؤلاء مقصلة لحقوقهم. اما اليوم فلا عودة الى الوراء يقول العسكر، وما هو آت سيكون مؤلما على الحكومة ورئيسها الذي يعتمد مع النقابات العمالية والعسكريين المتقاعدين سياسة زرع الخلافات والانشقاقات في صفوفهم، واعطاء فتات الحلول للطرف الذي يفاوضه على قاعدة “ليس بالامكان أفضل مما كان”.
يُربك حراك العسكريين المتقاعدين رئيس الحكومة، فهؤلاء يتعاملون جيدا مع الارض اذ يملكون مفاتيحها، ولا يمكن لميقاتي ان يصدر قراراته بقمع هؤلاء لأن لديهم القدرة على شل البلد في ربع ساعة، وهو ما يعلمه ميقاتي جيدا. من هنا بادر الرجل الى البحث عن غطاء لأي خطوة قد يقوم بها، تارة عبر اطلاق نداء الاستغاثة الطائفية والمبالغة أمام الرأي العام بأن موقع رئاسة الحكومة يتعرض لمحاصرة من قبل أطراف معروفة الهوية السياسية، وطورا بالاستعانة بالاطراف السياسية والاصدقاء لحماية خطواته وتحديدا في الموازنة، الا أن حراك العسكريين المتقاعدين على موقفه بل يتوعد ميقاتي في حال هرَّب الموازنة وفق مصالح القوى السياسية الداعمة له فعندها سيرى تحركات في مختلف المناطق مطالبة بإسقاطه.
المصدر: ليبانون فايلز