استطاع الاجتماع الذي عقده قائد الجيش العماد جوزف عون مع وفدٍ من العسكريين المتقاعدين أن يهدّئ من الاحتجاجات التي كانت ناشبة في الأيام الماضية، فإذا به يستقرّ على نتيجة أساسية فحواها موافقة العسكريين المتقاعدين على تأجيل تحرّكاتهم حتى معرفة نتيجة المفاوضات حول مطالبهم، وهي مفاوضات ستحصل برعاية قائد الجيش في محاولة للتوصل إلى حلّ وسطيّ بين الحكومة والعسكريين المتقاعدين.
في التفاصيل، التقى قائد الجيش يوم الجمعة المنصرم وفداً من تجمّع العسكريين المتقاعدين في مكتبه في اليرزة ضمّ النائب السابق شامل روكز والعميدين المتقاعدين أندره بو معشر وبسام ياسين، إضافةً إلى رئيس رابطة قدماء القوّات المسلّحة اللبنانية اللواء نقولا مزهر على رأس وفد ضمّ العميدين مصطفى مسلماني وأنطوان هيدموس، بالإضافة إلى اللواء الياس الشاميه.
وحصلت “النهار” على معطيات تختصر أجواء الاجتماع حيث تركّزت المشاورات على مطالب العسكريين المتقاعدين مع التأكيد أنها تشكّل مطالب عسكريي الجيش اللبناني الذين هم ضمن الخدمة الفعلية أيضاً. وإذ يحاول قائد الجيش أن يعثر على حلّ وسطيّ بين ما يمكن أن تقدّم الحكومة وما يسعى إليه العسكريون المتقاعدون، فإذا به يهتمّ في التواصل مع الجهات المعنية بهدف البحث عن التوصل إلى صيغة وسطية مشتركة. وتأكد أن الاجتماع استقرّ على الاتفاق على التشاور في صيغة معيّنة مع العمل على استكمال صيغة المشروع الممكن اتخاذه بخاصة مع الحكومة التي عرضت من ناحيتها بعض المساعدات التي يمكن أن تقدّمها على مدى بعيد.
لم يعطِ قائد الجيش وعوداً للعسكريين ذلك أنه ليس هو من يقوم بدفع الرواتب والأجور، إنما أكد العمل على حلّ وسطيّ إضافة إلى عمله على امتصاص التحركات والتظاهرات على الأقلّ حتى لا تتفلّت الأوضاع أو تخرج عن السيطرة. حتى وإن كان الموضوع خاصّ بحقوق العسكريين، لكن الأجواء الرسمية التي تختصر وجهة نظر قيادة الجيش تقول إن “القيادة في موقع مسؤولية ولا يمكنها أن تترك الأمور تخرج باتجاه الفوضى. وليس لائقاً أن يحصل أي إشكالٍ بين عسكريين متقاعدين وبين عسكريين في الخدمة الفعلية، ما يمكن أن يسبّب حصول مواجهات في الإمكان تجنّبها.
استقرّت نتائج الاجتماع على بحث ما عرضته الحكومة وما لدى المتقاعدين من مطالب معيشية على أن يحكى بتقديمات واقعية بين مطالب المتقاعدين وما تعرضه الحكومة في هذه المرحلة. وحالياً، تحصل دراسة مبنيّة على الأرقام بين مطالب العسكريين المتقاعدين وبين ما تعرضه الحكومة من مساعدات، ثم هناك اجتماعات اضافية ينتظر أن تعقد في الأيام المقبلة لدراسة المطالب بما في ذلك اجتماعات ستعقد مع الحكومة في محاولة لتقريب وجهات النظر. وإذا كان هذا الموضوع شكّل الهدف الأساسي لانعقاد الاجتماع بين قائد الجيش والعسكريين المتقاعدين، أظهرت النتيجة أن المتقاعدين أرسلوا رسائل إلى العناصر المتقاعدين لإيقاف التحركات حتى إعطاء المجال أمام ما يمكن أن تستقرّ عليه المباحثات والمفاوضات. في المحصلة، حاول قائد الجيش من خلال الاجتماع الذي عقده مع العسكريين المتقاعدين التخفيف من وطأة أي توترات أو مواجهات قد تحصل.
من ناحيته، يقول النائب السابق شامل روكز لـ”النهار” إنّ “العسكريين الذين هم في الخدمة الفعلية أو في أي جهاز في القطاع العام في الدولة اللبنانيين، جميعهم يعانون من الظلم ذلك أن قيمة رواتبهم لا تتجاوز 250 دولار شهرياً. وإذا حاولوا أن يدفعوا ما وضع من ضرائب أو رسوم في الموازنة سيخسرون قيمة رواتبهم تلقائياً. إن هذه التراكمات يمكن أن تؤدي الى مواجهات. الموضوع لا يتعلّق بمساعدات اجتماعية ستعطى رغم أن وضع البلد والدولة ليس بخير”. ويردف: “لا يمكن أن يكون الحدّ الادنى للأجور أقل من 600 دولار في لبنان حالياً، حتى يكون في استطاعة المواطن أن يعيش. ومن الضروري تحييد العسكريين إضافة إلى كلّ الشعب اللبناني الفقير عن ضرائب إضافية يمكن أن تفرض عليه”.
ويسرد أنه “سيكون هناك اجتماع تقني سيعقد بين ضباط متقاعدين وضباط في الخدمة الفعلية للبحث في الدراسات التي حصل إعدادها سابقاً من الفئات العسكرية وللبحث في مصادر التمويل من أجل الاتفاق على مشروع واحد للتعامل به مع الحكومة اللبنانية ومعرفة إن كانت الحكومة مستعدة للسير به”. ويستنتج أنّ “قائد الجيش يرعى حلّاً يكون فيه جميع العسكريين من متقاعدين أو في الخدمة الحالية على الموجة نفسها على أن تطرح الحلول بعقلانية ويحصل التفاهم على مخارج للأزمة مع الحكومة اللبنانية”.
المصدر – النهار